دشنت اتفاقية "بريتن وودس" لمابعد الحرب العالمية الثانية عهداً عالمياً جديداً للتجارة والتبادلات النقدية والاستثمارية، كما اسهمت في الحراك الاستثماري الهائل لمشاريع إعادة البناء والتطوير في أوروبا وخاصة مشروع مارشال الشهير. وبالتوازي مع الاتفاقية تم إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتنمية بوصفهما المؤسستين الدوليتين الضامنتين لتطبيق الرؤية التجارية والمالية العالمية الجديدة، ثم جاءت اتفاقية التجارة والتعرفة الجمركية "الجات" كيما تضفي على منظومة المؤسسات المالية والاستثمارية الدولية بعداً تجارياً وجمركياً ساده تحرير التجارات البينية، وتنمية فرص التبادل القائم على المزايا النسبية، وإيجاد منظومات من المحفزات الأساسية لتسيير التجارة الدولية. وراء هذه التدابير «الرحيمة» تنبري المآسي والتمييز، فالتحرير الذي يشكل أساس الأسس في منظومة التدابير الاقتصادية العالمية المحكومة بمركزية الولايات المتحدة لا يعنى بتحرير حركة البشر، بل حركة رأس المال المجيرة في نهاية المطاف لصالح مركز المالية العالمية الأكثر قوة وقدرة على الفتك بالصغار. إنها المعادل الموضوعي لمركزية القطب الواحد ومشروع الدولة العالمية المدارة بنواميس المراكز المالية الاستثمارية والعسكرية الدولية مما لا يخفى على أي لبيب «أنصار بريتن وودس» واستتباعاتها الباهظة يفترضون مباراة حرة بين الكبار والصغار، ويطالبون الفقراء بأن يكونوا في مصاف الأقوياء. والتبرير أنهم لن يتطوروا إلا إذا دخلوا ماراثون السباق التنموي، فيا لها من فرية!. مطلوب منك في اليمن أن تباري أكبر الاقتصاديات وأعتاها حتى تكون شريكاً في الاقتصاد الدولي، وإلا فإنك غير صالح للعصر.. تلك هي روشتة التعويم والتحرير المطلوبة عالمياً. [email protected]