ترك الجمهوريون المحافظون البيت الأبيض وقد فخخوه بكل ألوان التحديات الصعبة وأبرزها الأزمة المالية الأمريكية والدولية .. تلك الأزمة التي جاءت وليدة شرعية لاتفاقيتي «بريتن وودس الأولى والثانية» واللتين بلورتا مؤسسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وحتى اتفاقية التجارة والتعرفة الجمركية «الجات» فيما يمكن تسميته بالمنظومة المتكاملة لحراسة وتسييد وتعميم مرئيات بريتن وودس التاريخية. وتكمن الرؤية الأمريكية الغربية للنظام المالي الدولي المجير على اتفاقية «بريتن ودس» واستتباعاتها في إلغاء معيار الذهب الاسمي والفعلي، وفتح الباب واسعاً لضمانات الدول التي بوسعها اللجوء إلى مايُسمى «التوريق» أي طباعة العملة دون غطاء احتسابي مادي .. أي دون غطاء حقيقي. لكن التوازن الدولي على عهد الحرب الباردة لم يسمح بتغوّل مرئيات الولاياتالمتحدة ونظرتها للنظام المالي الدولي، وكان من الطبيعي أن تشرع الولاياتالمتحدة عبر حُراسها الميامين في تعميم رؤيتها الكونية للنظام النقدي، ثم مُواصلة حُمى المضاربات المجردة بالمال المجرد، ولتحقيق تنمية وهمية، وصولاً إلى أزمة الرهن العقاري، فأزمة السنداتو الأسهم، فأزمة الودائع، وأخيراً وليس آخر إفلاس المؤسسات المالية وبداية الركود الاقتصادي . ماذا بوسع أوباما وإدارته أن يفعلوا أمام هذه النازلة التي لايمكن حلحلتها ومحاصرتها في زمن محدود ؟. لقد تجنّى الجمهوريون العقائديون الجُدد على بلدهم والعالم، وها نحن نحصد الثمار المُرة لأفعالهم الكونية التي بدأت بعيد الحرب العالمية الثانية واستشرت كالنار في الهشيم إثر سقوط الاتحاد السوفيتي، وتنامت كالديناصور مع وصول بوش الابن وأعضاء إدارته الأشاوس .