واصلت إدارة بوش الابن مسيرة الظفر العسكري المباشرفي العراق وافغانستان لتورِّث خلَفها الديمقراطيين “كلنتون/ أوباما” ملفاً ثقيلاً يصعب زحزحته، فالحالتان الأفغانية والعراقية اللتان اتُّخذتا كبروفة لتسوية سياسية محكومة بالإرادة الأمريكية لم تحققا ما تاق إليه مخططو الفوضى الخلاقة، وبالعكس كانت إيران الملالي المستفيدة الأولى من الغزوتين العاتيتين، وكان التدمير المنهجي من نصيب البلدين. وبالمقابل تعاظمت الاستقطابات الطائفية والدينية المتطرفة، لتصبح أفغانستانوالعراق النموذج الأقصى لدولة اللادولة المعجونة بأزمات يومية مسطورة بالدماء والدموع. لقد بدا واضحاً استحالة مواصلة تلك السياسة، وتخلَّي بوش الإبن عن عرش أوهامه الهرمجدونية المقرون باستشارة “الرب” آناء الليل وأطراف النهار، وكانت مؤسسة الديمقراطية الأمريكية حاسمة في تكريس أوباما لولايتين متتاليتين، على أمل ردم الهوة السحيقة التي تفصل بين الحلم الأمريكي والمنامات المرعبة، وواصل أوباما سياسة سلفه الديمقراطي بيل كلينتون في التركيز على الداخل الأمريكي، وتحقيق بعض النجاحات غير المنكورة على خط الخدمات الاجتماعية، ومقارعة اليمين المتوحش، وتبريد الرؤوس الساخنة في البنتاغون والخارجية وبورصة “وول استريت” المُتفلِّتة، وواصلت إدارة أوباما مرحلة بيل كلينتون بقدر كبير من الانفراجة السياسية على خط أوروبا “العجوز” التي طالما نبَّهت لخطورة الأُحادية القطبية، وحاولت قدر الجهد إقناع الجمهوريين في الولاياتالمتحدة بجدوى الذهاب إلى عالم متعدد الأقطاب. تلك الفكرة التي تبنَّتها فرنسا والصين بصورة متزامنة، لكنها لم تنل عناية من قبل الجمهوريين الامريكان، الذين اعتبروا دُعاة التعددية القطبية بمثابة ديناصورات مُنقرضة، لا تنتمي إلى المستقبل.. لكن الأيام أثبتت صحة ما ذهب إليه هؤلاء المنقرضون من “مستحاثات التاريخ”، بحسب أوصاف الإعلام الجمهوري الأكثر تطرفاً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك