مشكلة المياه هي مشكلة يعانيها عالم اليوم، وهي مشكلة عالمية دون استثناء، وأصبحت تمثل الخطر الأكبر للبشرية جمعاء، نظراً لانخفاض منسوب المياه في الأنهار والعيون والآبار لأسباب طبيعية وغير طبيعية بفعل وإرادة الإنسان. وقد بدأت مشكلة المياه تطل برأسها على الكثير من بلدان العالم وتحديداًَ في قارتي آسيا وأفريقيا، وظهرت بوادرها في التصحر وانعدام المراعي؛ فهلك بسببها الزرع والضرع، وطفت على السطح الخلافات بين الدول وبين المجتمعات المحلية. وقد تنبأ الكثيرون من الخبراء والمهتمين بالشأن المائي بأن الحروب بين الدول خلال هذا القرن ستكون سببها الخلافات على المياه بسبب تداخل مصبات المياه في أكثر من بلد. واليمن التي تتصف بشحة المياه نظراً لندرة المصادر المائية فيها لافتقارها للأنهار والبحيرات العذبة واعتمادها الأساس على الأمطار التي تهطل صيفاً والتي أصبحت قليلة قياساً بما كانت عليه في السابق مهددة اليوم بأزمة مياه، ومصادرها من الآبار بدأت تجف لسببين، أولهما شحة نزول الأمطار، وثانيهما العبث الذي تتعرض له هذه الثروة المائية وتسخيرها لري شجرة القات، هذه الشجرة غير الاقتصادية وغير المفيدة تستهلك كميات هائلة من المياه وعلى حساب مياه الشرب وأغراض الزراعة. وهناك معالجات تقوم بها الحكومة للتقليل من وطأة المشكلة تمثلت ببناء السدود والخزانات؛ إلا أنها خطوة غير كافية، فلابد من بناء المزيد من السدود والحواجز المائية خصوصاً في المناطق الواقعة على الوديان، وكذا سن قانون يمنع العبث بالمياه من أجل ري أشجار القات والتي كانت من الأسباب الرئيسة في جفاف الكثير من الآبار. والكثير من المناطق اليمنية تعاني شحة المياه، وأصبحت النساء فيها يذهبن لإحضار دبة الماء من مسافات بعيدة تستغرق من أربع إلى خمس ساعات. وأصبح الكثير من سكان هذه المناطق يشدُّون الرحال إلى مناطق أخرى وأكثرهم إلى المدن كما هو حال الكثير من مناطق مديرية القبيطة محافظة لحج، كما أن هناك البعض من مناطق مديرية حيفان تعاني نفس المشكلة ولو بأقل وطأة. المهم أن المشكلة موجودة وحاضرة، والغرض من تناول مشكلة المياه هو التنبيه للجهات المعنية في الدولة بأن تكون حاضرة لوضع الحلول الآجلة والعاجلة لهذه المشكلة؛ لأنها أصبحت هماً يؤرق مضاجع الجميع وحتى تساعد على استقرار السكان في مناطقهم. والخوف هنا أن تزداد الهجرة من الريف إلى المدن هرباً من الجفاف، مع علمنا أن المدن هي أصلاً مهددة بأزمات المياه كما هو حال مدينة تعز وغيرها من المدن الأخرى، بالإضافة إلى أن تزايد الهجرة إلى المدن لها أضرارها الاجتماعية والخدمية والاقتصادية. من خلال كل ذلك، على الحكومة أن تكون حاضرة وجادة لفعل شيء للتخفيف من حدة المشكلة.. إن الخوف من خطورة هذه المشكلة والتي أصبحت تهدد الوجود يساور معظم الناس وخصوصاً في مناطق مختلفة من الريف اليمني، وهذا قد ينعكس سلباً على تفكير هؤلاء بترك قراهم والرحيل عنها، وهذه ظاهرة قد تعقد المشكلة أكثر وأكثر.