يبدأ الصيف في زحفه الأزلي ويأخذنا معه إلى عمق الاشتعال الكبير حيث المزاج المختلف والأيام المختلفة والأولويات الطارئة .. فالصيف الحار الرطب يفرض علينا معاينات كثيرة ومراجعات شاملة ابتداءً من أيام الإجازة الثمينة .. ومروراً بنمط الحياة المتغيرة حيث لا إمكانية للتجوال المسائي في الأماكن المفتوحة أو الاستمتاع برحلة برية تخلو من مكيفات الهواء . الكل يستعد للصيف ولكن بمزاج الهارب من الحقيقة لا الناظر إلى الفراغات الزمنية النادرة التي يمنحنا إياها هذا الفصل .. فالجلوس لساعات طويلة في المنزل مناسبة لإنجاز بعض المشاريع الشخصية الهامة .. والسفر إلى بلدان الله الواسعة مناسبة لوضع مشاريع مفيدة لتلك الرحلات بدلاً عن أن تتحول إلى مجرد انتقال من مكان لاخر . قضاء الإجازة الصيفية أكبر بكثير من مجرد مغادرة حر الصيف في بلدان الجنوب إلى اعتدال الطقس في بلدان الشمال .. لذلك يكون السؤال وجيهاً: كم من المغادرين يجهزون حقيبة الصيف الاستثنائية ؟ .. تلك الحقيبة التي تشتمل على المذكرات المكتوبة والتصوير المفيد ومراجعة المراكز العلمية والمتاحف الأثرية في بلدان الزيارة المحتملة ؟ كم من الناس يتعاملون مع هذه المناسبة بوصفها فرصة لا تعوض للتجديد وترك العادات الاستهلاكية المألوفة ؟!. اقترح على الجهات المنظمة لإجازات الصيف أن تباشر في وضع أجندة أولويات وبرامج لمن يقضون الإجازات في الخارج .. فبدلاً من الترويج السهل لتذاكر السفر التشجيعية والفنادق الجميلة لابأس من أن يضعوا أمام الزائرين خيارات ثقافية واجتماعية لاتقل أهمية عن التسلية والترويح عن النفس .. ولابأس من أن يتعرفوا على ( زبائنهم ) الجدد خارج نطاق القراءة السطحية لجوازات سفرهم ووظائفهم . فإذا كان الفرد ملاماً على التداعي السلبي مع الإجازة فإن المؤسسات والوكالات السياحية المنظمة للزيارات ملامة أكثر لأنها تستطيع أن تغير من نظرتها للإجازة وأن تضيف إلى الاعتبارات المالية اعتباراً آخر .