العلاقة بين الخيّام والشاعر محمد صالح قرق ليست مختزلة في كون القرق أحد أهم مترجمي الخيام من العرب، بل لأن القرق جاور الخيام عقوداً من الزمن،.. تلك المجاورة المفاهيمية الوجدانية أفضت إلى انخطاف مؤكد، وعشق مستديم، وإقامة دائمة في مرابع الخيام الشاعر والفيلسوف.. المفكر والرياضي والفلكي ... الخيام، المحتار والرائي .. السائر في دروب التيه الكبير والأجوبة الصاعقة .. المتأبي على التسليم بنواميس القدر الأهوج .. والباحث عن طمأنينته الخاصة . هذه الحالة الهيامية ترافقت مع أيام «القرق» ولياليه، فمنذ أن عرف الخيام قبل عقود طويلة من الزمن ظل ممسكاً بجمرات محارقه، سابحاً في فيوضات شطآنه، ومُتنكّباً مشقة استجلائه حتى كاد يتماهى معه تماهياً إيجابياً استنطاقياً، ومحايثاً لرؤية الخيام ونظرته للوجود والماوراء. الشاهد أن محمد القرق تابع إيقاع الخيام من خلال قراءات متوازية جمعت بين العربية والفارسية والانجليزية ، وبعد حين من الدهر وجد نفسه في حال إقامة دائمة في مرابع الخيام حتى إنه أصبح شغوفاً بتتبع آثاره أينما وُجدت، وكان من الطبيعي والأمر كذلك أن تصل الأمور إلى غاياتها الحتمية استناداً إلى قوانين التاريخ والطبيعة، فجاء الإنجاز ترجمة ضافية لحوالى مائتين رباعية، وإصداراً فريداً يضع المترجم في عداد المتميزين في ترجمة عمر الخيام عربياً وعالمياً مما سنأتي عليه تباعاً وتوضيحاً . بدت ترجمة القرق رشيقة ومواتية ، فيما تماهت مع النص الخيامي لتبقى على المعنى الذي لا يفارق مقتضيات الشعر والشعرية ، وبهذا فاضت قريحة المترجمة بروحية الخيام ، وذلك عطفاً على صلة سنشير إليها تباعاً في الحلقات القادمة .