تتبعتُ العلاقة بين الخيّام وآخر مترجمي رباعياته من العرب الأستاذ محمد صالح القرق على مدى عقد ونيف، ووقعتُ على تجليات هذه العلاقة من خلال المكتبة العامرة للقرق والتي تزخر بكل شاردة وواردة عن عمر الخيّام، وبكل اللغات التي تُرجم إليها أو كتب عنه بها، فقد تجاوزت مقتنيات المكتبة حالة العرض المقرون بالعرفان حتى تخوم الدلالة لتصل إلى اقتناء كل ما يمت بصلة للخيام، كما لو أن القرق يقتني أيقونات فنية تنطق بموسيقاها الخاصة وتقدم معادلاتها البصرية التشكيلية الجميلة، فلم يُعوّل على اللغات التي يقرأْ بها «العربية - الفارسية - الإنجليزية - الأوردو» بل اقتنى رباعيات الخيام وما كُتب عن الخيام بكل لغة عثر فيها على أصل لكتاب يهتم بالخيام!!، وتلك حالة من العشق المنخطف بالمعاني والدلالات، ومُقدمة كبيرة للقفزة النوعية التي جاءت بعد سنوات طوال، فترجمة الخيام من قبل القرق لم تتم خلال عام أو عامين، بل على مدى عقد ونيف من الامتلاء الذوقي والمعرفي بنصوصه، وبهذا المعنى صاغ القرق نصوص الخيام متآلفاً مع ترجمة لا تخل بالمعنى ولا المبنى، وتلك واحدة من أشياء الحرص الشديد في الترجمة. ولأنه كان حريصاً على عدم تجويز التجاوز الفني لدلالة الأصل، فقد كان عليه أن يتمثّل النص الأصلي تمثلاً كُليانياً كما لو أنه تُرجمان للخيام وليس مترجماً له، ثم يعيد إنتاجه واضعاً نصب عينيه الإبقاء على المحتوى الأصلي، وهكذا جمع الحُسنيين .. الترجمة الرشيقة.. والإبقاء على الدلالة دون تجويز مُخل كما فعل بعض المترجمين .