الموهبة نعمة من الله تعالى، قد تجد من يشكر الله عليها فيرعاها وينميها حتى تصبح إبداعاً، وقد تجد من لا يقدّر قيمتها، ويجحدها فتموت.. وكم من المواهب قبرناها بأيدينا، لأننا لا نؤمن بأن المبدعين هم الأقدر على العطاء، وهم وجه الوطن البهي الذي نفاخر به أمام العالم. اليمن بلد يغرق بالموهوبين الصغار في شتى المجالات، غير أن هؤلاء مازالوا يبحثون عن حضن يرعاهم، ويصقل مواهبهم، ويحوّلهم إلى مبدعين حقيقيين يحملون اسم بلدهم أنى ذهبوا من العالم. الطفلة أمة الله حسان - عشر سنوات - عادت في الأسبوع الأول من شهر مارس الماضي من الشارقة حاملة لقب أشعر شاعرات العرب، بعد فوزها على جميع المشاركات من مختلف البلدان العربية.. وعندما غادرت الشارقة عائدة إلى الوطن كانت تتوقع أن الكل سيستقبلها من باب المطار في الأحضان .. فكيف لا وهي من رفعت اسم اليمن وشرفت أبناءه أمام كل الأمة..! ولكن هذه الطفلة الموهوبة لم تجد صحافياً واحداً يلتقط لها صورة.. ولم تجد مسئولاً واحداً يطبع على خدها قبلة حتى ساعة كتابة هذا المقال. طفلة أخرى.. أبرار أحمد علي - عشر سنوات- عادت من الشارقة أيضاً في منتصف شهر مارس الماضي، حاملة المركز الثالث في العزف الموسيقي، فهي عازفة بيانو متألقة جداً، وقد اكتسحت كل منافسيها على مستوى الوطن العربي، وقد صقلت موهبتها في البيت اليمني للموسيقى.. غير أن الطفلة "أبرار" لم تجد أيضاً صحافياً واحداً يلتقط لها صورة أو مسئولاً يطبع قبلة على خدها لحسن تمثيلها لبلدها ورفع اسمه عالياً بين أقطار الأمة. أمس قررت والدة «أبرار» الاحتفال بابنتها في بيت الموسيقى، بعد أن يئست من أن تلتفت الجهات الرسمية لابنتها الموهوبة التي كرمتها قيادة الشارقة وتجاهلها بلدها.. وعندما جلست استمع لعزفها وأصورها بالفيديو ترقرقت عيناي بالدمع، لأن الموهوبين المبدعين في يمننا الحبيب كما «الأيتام» لا يجدون من يرعاهم، ويفاخر بإنجازهم، وينمي روح الفخر بالوطن في نفوسهم.. أسوة بالدول الأخرى التي تغدق الهدايا والعطايا على المبدعين خاصة الصغار منهم.. قبل عامين تقريباً سمعت أن الأخ رئيس الجمهورية وجّه الجهات المختصة لإنشاء مركز أو معهد للمبدعين، وكانت تلك فكرة رائعة والتفاتة طيبة من أب لأبنائه، بل وحق يهبه لهم طالما وهم ينعمون بظلال دولة الوحدة والحرية والديمقراطية.. لكن - للأسف - لم تحرك الجهات المختصة ساكناً حتى اليوم، وظل أبناؤنا وبناتنا من الموهوبين والمبدعين يلوذون بأنفسهم هنا وهناك بحثاً عن جهة تتولاهم، ولكن دون جدوى. لقد تعودنا في «الجمهورية» أن نكون منبراً ناطقاً بلسان الشعب، وها نحن نناشد الأخ الرئيس بأن «أمة الله حسان» و «أبرار أحمد علي» قد رفعتا اسم اليمن عالياً على مستوى الوطن العربي، وهما تستحقان من الأب علي عبدالله صالح قبلة على الخد بعد أن تجاهلهما الجميع.. وهما سينتظران القبلة..