من المعيب أن نتحدث اليوم - وبعد مرور 18 عاماً على تحقيق الحلم اليماني الكبير الذي ناضل أبناء شعبنا طويلاً حتى أصبح واقعاً معيشاً - عن انفصال أو نروج لدعوات شطرية ومناطقية وجهوية تثير الغثيان وتبعث على التقزز.. ومن المعيب أن نقف أمام الديمقراطية التي ارتضينا بها نهجاً لتسيير شؤون الحكم ونعرفها تعريفات مطاطة لاتستقيم وروح القانون والدستور.. ولا تتفق مطلقاً مع مضامينها وأهدافها وأخلاقياتها وآدابها العامة. ومن المعيب أيضاً أن نروج أو نسمح لأنفسنا بالحديث عن «نضال سلمي» وأهدافه العامة تدعو للردة وتحرض على الانفصال والنيل من المكتسبات والثوابت الوطنية العليا!!.. لم يعد هناك ماهو مخفي أو يحمل أكثر من معنى كما تروج بعض القيادات التي تدعي فهمها للسياسة وإلمامها بأحوال الوطن والمواطنين. فالدعوات المثيرة للكراهية والفتنة.. والداعية للاقتتال والردة والانفصال والمناطقية المقيتة هي العناوين البارزة للمنظوين في دكاكين المسميات الشطرية.. الممارسين للأعمال الخارجة عن القانون والدستور تحت شعار «النضال السلمي» المفترى!!.. هؤلاء أعلنوا تحالفهم مع الفتنة.. وأبرموا صفقة قذرة مع تجار المؤامرات للإضرار بالوطن والنيل من وحدة الشعب المباركة المعمدة بتضحيات الثوار والمطرزة بنجوم البطولة والشهداء. وكونهم أصحاب موروث صراعي دموي لايتحدثون إلا بلغة العنف، ولا يجيدون من فعل سوى إثارة الشغب والتخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق وإقلاق المجتمع والسكينة العامة. خُيّل لهم أن في الديمقراطية الحرية التي ستكفل لهم ممارسة «النضال السلمي» على طريقتهم، والزج بأبناء الوطن في محرقة ممارساتهم وأفعالهم الخارجة عن النظام والقانون. خيل لهم أن الديمقراطية ستتيح لهم فعل وإعلان مايريدون من ممارسات همجية أو المساس بالحق الشعبي الأهم والأبرز.. وتأجيج الأحقاد والضغائن بين أبناء الشعب الواحد.. الفهم السيء للديمقراطية هو من يدفعهم إلى رفع شعارات معادية ضد الوطن الواحد مليئة بنبرات المناطقية والفئوية. الفهم السيء للديمقراطية هو من يدفعهم - كما قال الدكتور ياسين سعيد نعمان في أحد أحاديثه - إلى افتعال أزمات لاتخلف إلا الدمار وتعمل على شق الصف الوطني.. «هؤلاء الصغار بدلاً من أن يناضلوا من أجل ترسيخ وحدة 22 مايو ذهبوا إلى التآمر على الوحدة من أجل مشاريع صغيرة..». تفكير بليد واستغلال سيء للقيم الديمقراطية والتعددية.. وحماقات هدفها الأوحد النيل من استقرار المجتمع وأمن الوطن.. دون إدراك منهم أن الشعب لهم بالمرصاد.. إن الديمقراطية التي نحتفي اليوم بذكرى انطلاقتها لاتعني الفوضى والتخريب أو الخروج عن الثوابت الوطنية أو توظيفها لإثارة النعرات المناطقية والترويج لثقافة الكراهية بقدر ماتعني الالتزام بالسلوك الواضح وحمايتها من المؤامرات وتعزيز وسائلها وأركانها والحفاظ على مجمل النجاحات التي تحققت بفعل ممارستها منذ 61 عاماً مضت. اليوم ونحن نحتفي بيوم الديمقراطية ينبغي التأكيد على أن للديمقراطية قوتها المستمدة من روح القانون والدستور. الديمقراطية تعني حماية حقوق الناس وممتلكاتهم من أيادي البطش والتخريب والفساد.. الديمقراطية لاتعني الاستغلال السيء لقيمها أو الدعوة إلى مايضر أبناء الشعب وبمايؤدي إلى شق الصف الوطني.. الديمقراطية هي الضمانة الأساسية لحماية الحريات وقيام علاقات سوية متطورة بين مؤسسات الحكم وبين الشعب والدولة وبين الفئات الشعبية نفسها وبين المواطنين والوطن. هي السلوك الواضح غير المنفصم عن الفكر، والطريق الواضح أيضاً نحو العمل الأصيل والمتطور.. بعيداً عن الدعوات القذرة التي تستهدف المساس بالثوابت الوطنية العليا. إن الفهم السيء للديمقراطية هو من دفع الفوضويين وتجار الأزمات إلى التطاول على حق الشعب وإثارة النعرات بين أبناء الوطن الواحد. ويقيناً لن تكون الديمقراطية والحرية وسيلة للهدم.. كما لن تكون مظلة لدعاة الفوضى والتخريب والفساد بل ستكون أداة لمحاسبة كل الخارجين عن النظام والقانون.. والوسيلة الناجعة لتجاوز السلبيات وإرساء الإيجابيات وتحقيق الأفضل.. النافع والمفيد..