في ظل الظروف والأوضاع البالغة الحساسية والدقة التي تمر بها بلادنا ومجتمعاتنا يظل التحدي الحقيقي والكبير هو التطبيق الصارم والحازم لسلطات الدستور والقانون على كل من تسول له نفسه تهديد الأمن والسلام واستهداف الوحدة الوطنية، أو السعي لإثارة الفتن الطائفية والمناطقية أو الدعوة والترويج لثقافة الانفصال والتشطير البغيض، سواءً كان عبر العنف ورفع السلاح في وجه الدولة وسلطة القانون، أو عبر التحريض على العنف والتخريب والفوضى، أو من خلال السلوكيات المنحرفة التي تعمل وتسعى إلى استغلال المناخ التعددي والديمقراطي بشكل سيئ وانتهازي من أفراد أو جماعات خدمة لمصالحها الخاصة والضيقة وخدمة لأجندة وجهات خارجية، هدفها بث الكراهية والبغضاء وإشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد لاستهداف وحدته والنيل من أمنه واستقراره ونمائه وتطوره. وبالأمس جاء قرار المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة والذي قضى بإعدام اثنين وحبس عشرة من عناصر التخريب في بني حشيش بمدد تتراوح ما بين 8-10 سنوات، جاء هذا القرار ليثلج صدور الكثير من أبناء الشعب الذين يدركون تماماً مدى خطورة تلك الأفكار الظلامية والأعمال الإجرامية التخريبية التي يقودها عناصر الإرهاب والتطرف وأفكار الضلال والتخلف، على اعتبار أن الأحكام الشديدة والرادعة تظل -خاصة في مثل هذه الظروف- هي الوسيلة الناجعة والمناسبة لردع كل من تسول له نفسه محاولة العبث بأمن البلاد واستقرارها ووحدتها الوطنية. ويظل تطبيق مبدأ سلطات القانون والدستور وبشكل قوي وحازم في هذه المرحلة بالغ الأهمية والضرورة لمواجهة كل تلك الأفكار والدعاوى الباطلة التي بتنا نسمعها اليوم من قبل بعض السياسيين والحزبيين، خاصة من جماعة أحزاب "المشترك" التي تسعى للوقوف في وجه مثل هذه المحاكم العاجلة وقراراتها وأحكامها القاضية بتطبيق القوانين وبشدة وحزم، وذلك للخلط منهم وعن عمد بين الديمقراطية وحرية الرأي التي كفلها الدستور والقوانين وبين ما يدخل في طائلة الجرائم والمخالفات التي يحرمها الدستور وتعاقب عليها القوانين النافذة. ويبقى على أولئك الذين يثيرون الفتن ويسعون إلى تجاوز الخطوط الحمراء وأعمال العنف والتخريب وترويع المواطنين ومحاولات المساس بقدرات ومسلمات الوطن العليا، أن يدركوا أنهم تحت طائلة القانون وفي متناول يد العدالة النافذة، لأن القانون لا يحمي من يرتكب الجرائم والفوضى والتخريب أو يرفع السلاح في وجه الدولة والسلطة ويقوم بقتل الأبرياء وزهق الأرواح وبث أفكار الفتنة والفرقة والضلال، ومن يعمل أو يسعى للاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ويهدد السكينة العامة والسلم الاجتماعي. وعلى كل الموتورين والمأزومين أيضاً أن يدركوا تماماً أن النظام الديمقراطي والتعددية السياسية وحرية الرأي والرأي الآخر لا تتيح ولا تقر على الإطلاق تهديد الأمن الوطني والوحدة وتماسك النسيج الاجتماعي، كما لا تقر بأي شكل إثارة النعرات المذهبية أو المناطقية أو الجهوية التي تستهدف النيل من وحدة الوطن بالدعوة للانفصال والتمزق والتشتت، سواء كان ذلك بالقول أو العمل أو التحريض أو المساندة والتأييد بمختلف صور ذلك، عبر الشعارات أو اللافتات أو ترديد الهتافات أو غيرها من وسائل تستهدف أمن الوطن أو المساس بوحدته الوطنية وثوابته العليا. والأصل في الموضوع أن يرتص كل أبناء الوطن بمختلف فئاتهم الاجتماعية وانتماءاتهم السياسية والحزبية للوقوف أمام التحديات الكبيرة التي تواجهها بلادنا، وأن يترفع البعض عن مزالق الاندفاع والتهور والانتهاز السياسي الرخيص على حساب المقدرات الوطنية العليا، وأن يدركوا تماماً أن الوطن بدستوره وقوانينه النافذة وبرجاله الأوفياء المخلصين سيتصدون جبهة واحدة وبكل قوة وحزم لكل من يقف وراء الإرهاب والعنف والتخريب والتحريض والتآمر على وحدة الوطن والخروج على الدستور والقفز على الثوابت الوطنية، لأن ذلك يصنف ضمن دائرة الجرائم والمخالفات والتجاوزات التي لا يمكن ولا ينبغي لسلطة القانون أن تقف أمامها مكتوفة الأيدي أو أن تتعامل معها بسياسة اللين أو التهوين أو المراوغة، كونها جرائم وأفعالاً تمس سيادة الوطن العليا ولا يقرها عرف ولا قانون.