تسعة عشر عاماً مضت على إعادة لحمة الوطن اليمني، أرضاً وإنساناً، بعد عقود طويلة من التشطير.. ففي يوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م تم إعلان إعادة الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية ليدخل الشعب اليمني بذلك مرحلة جديدة في تاريخه المعاصر بعد أن ودّع كل آلام ومعاناة زمن التشطير. وقد كبر الوطن بإعادة تحقيق وحدة أراضيه التي كانت مجزأة إلى شطرين، وكبر اليمن بإعادة وحدته، وأصبحت اليمن تشكل رقماً مهماً في الخارطة الدولية، نظراً لما يتمتع به من موقع استراتيجي هام في جنوب شبه الجزيرة العربية وإطلالته على البحرين الأحمر والعربي، وأهم ممر بحري للملاحة الدولية «باب المندب» وكبر الشعب اليمني بوحدته وبانتهاجه للديمقراطية وهو ما جعل اليمن تمثل مركز إشعاع ديمقراطي في المنطقة. ولكن البعض من أبناء الشعب - وهم قلة - أبوا إلا أن يظلوا أقزاماً، ورفضوا أن يكبروا مع الوطن الكبير، وطن ال22 من مايو1990م، فعمدوا إلى إعادة إنتاج مشاريعهم الصغيرة والتي تم إعدادها ضمن أجندة القوى المتآمرة على وطننا وشعبنا اليمني، حيث بدأوا يعدون العدة منذ لحظة إعلان إعادة الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية بعد أن فقدوا مصالحهم الشخصية التي كانوا يتمتعون بها في عهد التشطير، فعملوا على إثارة المشكلات واختلاق الأزمات وتنفيذ عدد من جرائم الاغتيالات وإذكاء نار الفتنة وتأجيج الخلافات بين شركاء صانعي الوحدة وبين الأحزاب والتنظيمات السياسية والتي أفضت إلى تفجير الحرب المجنونة في أبريل 94م كمقدمة لتنفيذ مؤامرة الانفصال التي تصدى لها شعبنا وقواته المسلحة والأمن وتم تعميدها بالدماء الزكية، ليتأكد للعالم أجمع أن الوحدة وُجدت لتبقى وأن الشعب اليمني الذي استعاد وحدته في ال22 من مايو1990م لن يسمح لأي كان أن يعيده إلى الماضي التشطيري ومآسي الحروب والانقلابات والتصفيات الدموية. بعد تسعة عشر عاماً من إعادة الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية لايزال أولئك الذين أرادوا أن يظلوا أقزاماً يتوهمون أنهم قادرون على إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، متناسين الشعب اليمني الذي لقّن الانفصاليين عام 1994م دروساً لن ينسوها في الوطنية والتضحية وجعلهم يتجرّعون مرارة الهزيمة والخزي والعار سوف يلقّن الانفصاليين الجدد نفس الدروس ويجرِّعهم من نفس الكأس الذي تجرعه انفصاليو عام 94م. لقد أضحت الوحدة حقيقة معاشة وراسخة في عقول وقلوب ووجدان كل أبناء الشعب اليمني الذين يرفضون أن ينصب البعض أنفسهم أوصياء على الوطن أو جزء منه، فقد ولّى زمن الوصايات، وأصبح الشعب اليمني هو الوصي على نفسه، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل العودة إلى عهود الشمولية ودكتاتورية الحزب الواحد أو الحكم الفردي المطلق المتمثل بالإمامة والسلاطين والشيوخ. والذين يفكرون بالعودة إلى الماضي هم واهمون؛ لأن الشعب اليمني الذي انتصر لثورته في السبعين يوماً وحقق الاستقلال في ال30 من نوفمبر وانتصر للوحدة عام 1994م مستعد اليوم لتلقين الانفصاليين الجدد دروساً في الوطنية والتضحية والفداء كما لقّن المتآمرين من قبلهم. إن مجرد التفكير بإعادة الوطن إلى ما قبل 22مايو 1990م وعودة الإمامة ونظام السلطنات والمشيخات هو جنون وضرب من الخيال وحلم أبعد ما يكون من عين الشمس. وعلى أولئك المعتوهين أن يثوبوا إلى رشدهم ويعودوا إلى جادة الصواب قبل أن يجدوا أنفسهم في نفس المستنقع الذي سبقهم إليه المتآمرون قبلهم.