أسهل جملة يقولها الكثير من الناس عندما تحدث مشكلة ما، هي جملة: لا بد من حلول سريعة وناجعة.. وهناك عند اللابد والمفترض والواجب يتوقف هؤلاء، فلا المشكلة مفهومة على وجه الدقة ولا الحلول معروفة وناطقة، وعلى هذا الحال يكيلون المشاكل والحلول.. لو أن الحلول تُخبز لما جرى استعجالها بهذه الطريقة التي نسمعها اليوم من البعض. هناك مشكلات متراكمة ومتداخلة الأسباب من زمن قبل الوحدة وهذه بحاجة للكثير من الجهد والدراسة والمال، لكن سيف الحلول السريعة والخاطفة مسلط على رقبة الوقت ولامجال للتريث والدراسة والمعالجات الحكيمة حتى لا نقع في مشكلة أخرى من نتاج الحلول المستعجلة، لأن سيف الحلول ليس مستعداً للانتظار والمطلوب استحضار عصا سحرية ليصبح الجميع وقد حُلّت جميع تلك المشكلات.. وأحسب أن السيف سيظل في مكانه بعد ذلك، لأن الحلول ما هي إلا مفردة حق تمهد لباطل هذا عند من يتحدثون عن الحلول في الوقت الراهن وبصورة خاطفة، لكن ثمة من تخطى هذه المرحلة وكشف عن حقيقته وبدأ يتحدث عن فوات الأوان وأن لاداعي لكل الحلول وسلك طريق الفوضى والخراب، هذا الأخير لم تعد هناك من وسيلة للتخاطب معه أو التحاور والإقناع، لأنه قد أغلق كل الأبواب إلا أن يراجع مواقفه ويحكّم لغة العقل والمصلحة العامة ويفكر بطريقة أفضل من الجنون الذي يقود إلى الكارثة. أصحاب الحلول المستعجلة رغم أنهم يدركون أن المشكلات التي هي مستعجلة وتتطلب حلولاً سريعة قد أنجزت ومسألة الإنكار والتنكر لا تخفي من الحقيقة شيئاً وسيأتي الوقت الذي تنطق فيها الحقيقة وتنطق الحلول لتقول متى كانت ومتى جرى تنفيذها ومن أجل من؟ لأن ثقافة النكران والجحود لا يمكن أن تعترف بأن الشمس تشرق من المشرق وهي حقيقة لايمكن إنكارها الآن لكنهم يفعلون ذلك والله على مايقولون شهيد، كما أن أولئك وهؤلاء يدركون أيضاً أن ثمة مشكلات لايمكن أن تُخبز حلولها في دقائق معدودة لتصبح سارية التنفيذ، يدركون كم هي معقدة بعض المشكلات وخاصة تلك الآتية من زمن التأميم والتي أنجبت مشكلات أخرى من حلولها في بعض الأحيان وتحولت تلك الحلول إلى مشكلات جديدة أو هكذا ينظرون إليها وتستغل لأهداف غير نبيلة.. ووفقاً لهذه النظرة تحولت الحلول إلى مشكلات حسب مايراها البعض وهاهم يطالبون بحلول للحلول ذاتها ولاشيء ينطق سوى اللابد والمفترض والواجب، وإذا بهذه الثلاثية المطلبية تأخذ طريقاً مختلفاً وتتحور وتتحول من شكل إلى آخر ومن صورة إلى أخرى لتستقر عند البعض عند مطلب الانفصال والمفردات الأخرى التي تصب في نفس النتيجة.. وبهذا اتضح الأمر أن الحكاية ليست كما بدأت وأن حلول المشكلات لم تجدِ نفعاًَ لأنها لم تكن مطلوبة بذاتها عند البعض وأن المطالب كانت مطايا مؤقتة ليس إلا، ومع كل هذا فالمشكلات التي تم تجاوزها بالحلول المناسبة لاغبار عليها وماحدث كان هو الصواب. نسمع كثيراً هذه الأيام عن ضرورة الحلول وبصورة مستعجلة لاتحتمل التأجيل استباقاً للكارثة، سألت أحدهم ماهي هذه المشكلات التي تحتاج لهذا النوع من الحلول فكان جوابه الصمت، لأنه لا يعلم ما الذي تم حله وما الذي لم يتم بعد.. والمسألة التي هي مشكلة حقيقية أن البعض يردد مايسمع كالببغاء دون علم بالتفاصيل والمعاني وكل هذا لاينفي وجود المشكلات لكنهم لايعلمون عنها شيئاً ولا عن الحلول لكنهم يضجون ليل نهار بأحاديث من هذا السياق.