قتيلاً و57 مصاباً بينهم 16طفلاً في ضحايا العبث بالسلاح في حوادث متفرقة وقعت فقط خلال الشهر الماضي.. ووفقاً لإحصائيات رسمية أوردها «مركز الإعلام الأمني» فقد رصدت أجهزة الأمن خلال الفترة نفسها وقوع 63 حادثة عبث بالسلاح في 15 محافظة.. وأرجعت الإحصائية الرسمية أسباب حوادث العبث بالسلاح التي شهدها مايو الماضي «وطبعاً شهدتها الشهور والأعوام الماضية» إلى الإهمال والجهل بالطرق الصحيحة لاستخدام الأسلحة وترك السلاح في متناول أيدي الأطفال ووجودالسلاح في مختلف المنازل اليمنية، مصحوباً بثقافة سلاح متخلفة مارست تأثيراً سلبياً على تصرفات ومواقف فئات واسعة من المجتمع تجاه السلاح. وبصراحة شدتني العبارة الأخيرة «مصحوباً بثقافة سلاح.. إلخ» إذ أن الأسباب المشار إليها بداية من عبث وإهمال معروفين ويتم تناولها باستمرار وضرورة التعامل مع السلاح الشخصي بشيء من الجدية والحزم حتى لا يكون له ضحايا أبرياء.. أما مسألة ثقافة السلاح المتخلفة وممارساتها وتأثيراتها السلبية فهي أعمق وأبعد مدى وأكثر خطورة، ولم يكن ضحيتها مجرد عشرات أو مئات وإنما ضحية ذلك السلاح المتخلف قانون وحقوق، وأدى إلى تداخل بين نفوذ الدولة المشروع ونفوذ بعض القوى المتنفذة بفضل السلاح غير المشروع. فإذا كانت الدولة والسلطة والنظام السياسي منظومة حكم تستمد مشروعيتها من الشرعية الدستورية وشرعية النظام الديمقراطي وثقة الشعب، وبداية كان بالطبع الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية.. فإنه خلال هذه المراحل كان هناك بالتوازي قوى متنفذة تستمد حضورها وقوتها من حضور وقوة السلاح غير المشروع. ومنذ تثبيت دعائم النظام الجمهوري كان حضور هذه القوى المتنفذة سواء كانت قبلية أو جهوية وعشائرية ليس فقط لأنها قد تمثل رقعات جغرافية وتكتلات بشرية تدين لها بالولاء بحسب ما كان سائداً خلال العهود البائدة، فهذا الأمر كان يمكن التغلب عليه وإدماج كافة الفئات الاجتماعية في إطار الدولة والولاء لها لولا السلاح غير المشروع الذي منح هؤلاء القوة وجعلهم لظروف ما يحظون بحصة من النفوذ والامتيازات باعتبار أن الدولة كانت تنظر لذلك كجزء من المعالجات واستيعاب هؤلاء لإدماجهم في الدولة ومؤسساتها المختلفة. لكن يبدو أن تلك المعالجات لم تكن ناجعة ولم تتوازَ المكافآت والامتيازات والترضيات مع خطوات مماثلة بحيث يصبح حضور هؤلاء مستمداً من مشروعية الدولة والنظام والقانون وإنما قاد السلاح غير المشروع إلى الحصول على امتيازات ومال غير مشروع وعزز ذلك من حضور هؤلاء حتى في الحياة الديمقراطية والحزبية وحتى في الحياة الاقتصادية و«البيزنس». والأدهى من ذلك أن ثقافة السلاح غير المشروع المتخلفة لم تصنع من هؤلاء قوى فساد متنفذة بمرجعيات عشائرية وحزبية وامبراطوريات «مال وأعمال» وحسب.. وإنما نجدها اليوم تستغل ظروفاً معينة يشهدها الوطن وتخوض عملية غسيل أشبه ب«غسيل الأموال» وتعيد تقديم نفسها على أنها في صف المواطن البسيط ومع «الغلابى» في مواجهة السلطة والنظام والحكومة. فما أعجب أن ترى من صنعهم السلاح غير المشروع خلال المراحل المختلفة ينقلبون اليوم إلى رموز نضال يقيمون المؤتمرات واللقاءات باسم قضايا الوطن والمواطنين. هذا هو السلاح العبثي غير المشروع الذي قفز بالبعض إلى أكثر من قوى متنفذة.. قفز بهم إلى مرحلة باتوا يقدمون فيها أنفسهم كزعامات تناضل باسم حقوق ومطالب الناس وباسم المواطنة المتساوية وباسم التصدي للفساد والفاسدين .. عجبي. alhayagim @gmail . com