حتى نقابة المحامين اليمنيين تستطيع منافسة الأحزاب وغير الأحزاب في تحركات انفعالية لا طائل منها إلا ليقال - ربما - إن للنقابة «حراكها» الخاص!.. عقدة «الحراك» أخذت بعقول الناس، سواء كانوا داخل «القانون» أم خارجه، وتحولت بالتالي إلى «موضة» دمها ثقيل، بفعل كثرة الاستهلاك وابتذال الفكرة والمضمون على نطاق واسع!. وما بين العقدة والموضة؛ ضاعت الفكرة وبقيت السكرة.. وكل واحد يبحث عن أطرف «بعسيسة» ليصطنع له حراكاً يخلِّد ذكره بين العربان!!. قد أفهم مالا يُفهم، بالنسبة لجهات وكيانات تجرب حظها مع العك السياسي والطرفشة الحزبية. ولكن ليس بمقدوري أو في متناول يدي وفهمي- المتواضع - استيعاب لجوء نقابة نوعية ومتخصصة ومهنية مثل نقابة المحامين، أهلها أهل القانون والموكلون به، إلى مظاهر سلوكية وانفعالية من قبيل نصب خيمة كبيرة وسط الشارع وتحويلها إلى مقيل سفري تحت يافطة الاحتجاج؟!. لا يهم الاحتجاج على ماذا ولا يهم إذا لم يكن هناك سبب وجيه للاحتجاج، المهم هو لماذا يزهد أهل القانون والمحامون في استخدام خبراتهم ومواهبهم واللجوء إلى القضاء إذا كان هناك ما يستحق العناء؟!. أعني أن عناء الخيمة والشارع والدوشة المصاحبة أكبر وأسوأ من عناء سلوك الطرق القانونية والقضائية والترافع أمام المحاكم إلا إذا كان لدى المحامين رأي آخر. يقال في هذا الصدد بأن محامياً بارزاً برز فجأة على قاضٍ بالمحكمة التجارية في أمانة العاصمة - الثلاثاء الماضي - أثناء ترؤسه لجلسة المحكمة ونال منه بكلام مقذع تضمن تحقيراً وتصغيراً من شأن القاضي وشخصه، ولو شئت لذكرت الأسماء والأقوال، وأفضل أن لا أفعل لاعتبارات خاصة وعامة!. وتصوروا، في اليوم التالي احتشد المحامون باسم النقابة ونصبوا خيمة وبدأوا فعالية احتجاجية صاخبة، ليس للتضامن مع القاضي؛ بل حمية ونصرة لصاحبهم المحامي!!!. كل شيء بات يُقرأ ويُفهم بالعكس، ولا أعرف بعد متى أعرف قانوناً واحداً في الأرض أو في المريخ يفسر ويبرر شيئاً كهذا؟!. رجال القانون معنيون - فقط - بإعلاء سلطة القانون وتكريس احترامه وهيبة القضاء وليس إهانة هذا وذاك. والمسألة - حضرات المحامين حضرات المستشارين - ليست عنداً أو توعداً ونكاية بوزير العدل أو رئيس القضاء الأعلى.. القضية أبسط وأخطر من ذلك: احترام القانون والقسم والتزامهما.. فاعتذروا للقاضي وأنتم الرابحون!.