من فترة طويلة لم أسمع , بل لم أدرك حقيقة أن ثمة قضاء عسكري في اليمن له وجود مهني وحضور مسئول وعادل بطبيعة الحال لأني مواطن لا أهتم عادةً بالشأن العسكري من قريب أو بعيد , غير أن مسمى القضاء العسكري قد أثار فضولي لأني ألمس وأرى عثرات ونوائب القضاء العام وكيف يدار وما هي نتائجه ومكانته في عالم القبيلة والعسكر وأصحاب المال والوجاهة والنفوذ .. ! ذات مرة رئيس محكمة عليا صرح بقاعة المحكمة رافضاً دعوى ضد الحكومة ووزارة التربية من إحدى النقابات المحتجة وكان رد رئيس المحكمة الإستئنافية يومئذ (يا خبره اعقلوا ما أنا إلا بعسيسة .. ) ؟؟! وال ( بعسيسة ) هي الشيء الرخيص والضحل والتافه جداً .. فكان انطباعي عن القضاء برمته في اليمن أنه ( بعسيسة ) وكم قاض يطلع ( بعساس ) و ( بعسيسة ) أمام نافذ وشيخ وتاجر ومسئول ولو من الدرجات المتوسطة والدنيا !! لكنني بقيت أهاب وأحترم مسمى القضاء العسكري .. حتى أظهره كلا من وكيل النيابة العسكرية المركزية ورئيس دائرة القضاء العسكري محامي عام النيابات العسكرية .. بأنه ( بعسيسة ) وآن لأبي حنيفة أن يمد رجليه ولا يبالي .. الشاهد في الحال أن تنبري النيابة العسكرية والدائرة المعمدة لما صدر عنها بإصدار قرار اتهام ضد مواطنين بدعوى أنهم تجنوا على القوات المسلحة وعبثوا بأموالها وممتلكاتها عهدة ( المؤسسة الاقتصادية اليمنية فرع محافظة إب ) في حين يمثل ذلك تستراً على عسكريين من العيار الثقيل وافتدائهم بمواطنين من إب ..؟؟ فيما لو كانوا من محافظة في شمال الشمال لاختلف قرار الاتهام !!.. من جهة أخرى لم يحاسب القضاء العسكري المؤسسة الاقتصادية عن ترليونات ومليارات الريالات التي تكسبها سنوياً خلال العشر سنوات الماضية فقط .. والتي تقدم حساباتها الختامية بأن أرباحها سنوياً يساوي ( صفر) ؟؟! مع العلم أنها مؤسسة تدعم من الموازنة العامة سنوياً وتتاجر من علب الفول إلى أساطيل السفن وكل ما يخطر على بال من غير عين رأت ولا أذن سمعت عن المكاسب والأرباح والأرصدة التي يتم تحويلها إلى صفر سنوي دائم ومفضوح حد التعري والخزي !! من حق القضاء العسكري أن يفتش ويبحث في كل شيء ويحاسب من باعوا المعسكرات وانتهكوا الشرف العسكري ومارسوا كل أصناف العبث بمقدرات القوات المسلحة وبلغوا ثراءً فاحشاً وكونوا رأسمال طفيلي على مستوى الداخل والخارج من إعتمادات ومخصصات القوات المسلحة وخيرات وأرصدة المؤسسة الاقتصادية اليمنية .. فيتم تجاوز هذه التضاريس والكوارث كلها وتأتي النيابة العسكرية لتطارد مواطنين ليس لهم أدنى علاقة بكل ما هو عسكري ... والمخازن التي استبيحت وتم التفريط بها بقرار عسكري ومسئول مخول برتبة رائد في القوات المسلحة عمل مديراً عاماً للمؤسسة الاقتصادية فرع إب محاولاً اليوم الفكاك من تحمل المسئولية كاملة لقرابة مائتي مليون ريال يريد ومن وراءه دعماً عسكرياً ونيابات عسكرية وقضاء عسكري ليلقي الحمل على غير ذي صلة ولا شأن له فيما نسب إليه .. على رأس هؤلاء المواطنين في إب الأديب والشاعر / عبد القادر البناء .. الذي تغنى ونسج من روحه الوطنية المبدعة أجمل آيات الفخر والاعتزاز بالوطن والقيم الشريفة التي تبني أمجاده الخالدة في أهم ومعظم مناسبات الوطن على مستوى الجمهورية اليمنية .. لنراه اليوم متهماً بما يضحك ويبكي في آن .. إن حزني يا صديقي البناء ليس عليك لأني أعرف أنك بريء في نظر العدالة ومجرد متهم في نظر النيابة العسكرية .. إنما حزني أن القضاء العسكري أيضاً .. طلع ( بعسيسة ) ... وعزائي لا زال بقضاة ومحاكم عسكرية علها تثبت أنها ليست ( بعسيسة ) .. وعساها تثبت أن القضاء العسكري ليس كذلك إذا أمعن النظر من قبلها وبدون إتصالات نافذين للقضاة المعنيين بقول كلمتهم بحق في هذا الهزال الأليم .!