يعتبر كتاب «أرجوزة الفوائد في أصول علم البحر والقواعد» من أهم مؤلفات أحمد بن ماجد، كما يعتبر من أهم الوثائق العالمية في الجغرافيا الملاحية منذ العصور الوسطى، ويتضمن هذا المؤلف أصول علم الملاحة والبوصلة ومنازل القمر والنجوم بالتوازي مع الإبرة المغناطيسية التي تتدرج إلى 32 درجة. يقول بن ماجد محدداً أهمية هذا الكتاب : ومن اختراعاتنا تركيب المغناطيس على الحلقة، وهي بيت الإبرة أو البوصلة بنفسه، لنا فيه كلمة كبيرة لم تكتب في كتاب . هذا الكتاب استغرق بضع سنين من التأليف والتأمل، وهو السبب الذي أدهش فاسكو دي جاما ورفاقه، حيث تباهوا حال مقابلتهم بن ماجد بالمكتشفات الأوروبية في علوم البحار فصعقهم بن ماجد عندما أبرز لهم اختراعاته في هذا الباب، ولعل هذه الواقعة حدتْ ببعض المؤرخين إلى افتراض أن فاسكو دي جاما طلب من بن ماجد أن يرافقه في إبحاره صوب الشرق، بل أن يكون رباناً للإبحار بسفنه إلى الهند، وقد تبيّن لاحقاً وكما أوضحنا بأن هذه لم تكن حقيقة، وإن المرافق كان رباناً هندياً وليس بن ماجد . وكانت أول أرجوزة شعرية لبن ماجد في عام 1462م بعنوان «حاوية الاختصار في أصول علم البحار» واشتمل الكتاب على أدلة للملاحة البحرية، وإرشادات تتضمن أصول الإبحار وقواعده، وكان هذا المؤلف بمثابة المقدمة لكتابه الأشهر «الفوائد في أصول علم البحر والقواعد» والذي أنجزه بن ماجد وهو شاب يافع في الخامسة والثلاثين من عمره، وضم في دفتيه انفرادات لم يسبقه إليه أحد من قبل، ولنا أن نتخيل هنا ماذا تعني تلك الانفرادات التي سبقت وصول الأوروبيين إلى رأس الرجاء الصالح واكتشاف أمريكا، وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك جملة المحمولات الثقافية الشعرية النثرية المستقاة من ثقافة استقراء واطلاع على الآداب العربية بأنواعها الفنية والعلمية سنعرف مثابة بن ماجد في عالم البحار .