في تاريخنا المعاصر تتبدى الوحدة اليمنية كحدث تاريخي ومنجز عملاق ظل لسنوات عديدة حلماً يراود أحفاد سبأ وحمير وقتبان وأوسان إلى أن شاءت إرادة المولى عز وجل أن يرى هذا الحلم النور ويتحول إلى حقيقة أسعدت كل اليمنيين ومعهم الشعوب العربية والعالمية التي وقفت إجلالاً وتقديراً للإرادة اليمنية القوية التي قهرت الصعاب وصنعت المستحيل وأعادت للجسد اليمني عافيته، وأرّخت لانطلاقة دولة يمنية فتية تنشد العلياء وترنو ذرى المجد والرفعة والتطور والازدهار. ومامن شك بأن الوحدة بالنسبة لنا كيمنيين هي قدر ومصير لا يمكن بأي حال من الأحوال ومهما بلغت الذرائع والحجج التفكير في المساس بها والنيل من مكتسباتها، والحلم بالعودة إلى ماضي التشطير البغيض.. ولذلك لا غرابة أن يتداعى اليمنيون على قلب رجل واحد في أحداث صيف 94م عندما حاولت قوى الظلام وأبواق التشرذم والانفصال الانقلاب على الوحدة وإعلان الانفصال في محاولة بائسة للعودة بعجلة التاريخ إلى الوراء. وبفضل الله ونتيجة اصطفاف أبناء الشعب خلف قيادتهم ووحدتهم وتتويجاً لبطولات وتضحيات أبناء القوات المسلحة والأمن ومعهم كتائب المتطوعين الذين تقاطروا على جبهات المواجهة من كل محافظات الجمهورية تجرع قادة الانفصال وأذيالهم مرارة الهزيمة لتنتصر إرادة الوطن الواحد في 7يوليو 1994م ويفر الانفصاليون تاركين خلفهم تبعات وأعباء اقتصادية أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني، تلاحقهم لعنات أبناء الشعب الذين آلمهم تطاول زمرة الانفصال على أغلى مكتسباتهم الوطنية وهي الوحدة المباركة، وعقب الانتصار الوحدوي ظلت ذكرى 7يوليو خالدة في قلوب كل أبناء اليمن كحدث هام ترسخت الوحدة فيه وعُمدَّت بالدماء الطاهرة وأصبح الاحتفال بهذا العيد له دلالاته واكتسب أهميته من كونه مثل انطلاقة جديدة لمسيرة البناء والتنمية والتطوير والتحديث ليمن الوحدة.. يمن الثاني والعشرين من مايو 1990م.. ومع مرور الأيام وتوالي الأحداث وعقب صدور قرار العفو العام في حق قادة الانفصال تجسيداً للرغبة الصادقة للقيادة السياسية الحكيمة ممثلة بالرئيس القائد علي عبدالله صالح في إغلاق ملف أحداث صيف 94م وفتح صفحة جديدة من أجل مواصلة مسيرة البناء اليمانية المظفرة، وحرصاً على تعميق الوحدة الوطنية وترسيخها وإعلاء للمصلحة العليا للوطن التي تتطلب توحيد الجهود وطي صفحات الماضي بكل مآسيها والعمل على توظيف كل الطاقات والامكانيات البشرية والمادية لخدمة الوطن والمواطنين على ثرى هذا الوطن المعطاء، فمضت سفينة الوحدة تباركها عناية المولى عز وجل ومضى اليمنيون بإرادة أمضى وعزيمة لاتلين يواصلون جني المكاسب الخيرة والثمار الطيبة للوحدة المباركة.. تحولات ديمقراطية مشهودة وطفرة تنموية غير مسبوقة وفي مختلف المجالات.. سياسة داخلية وخارجية اتسمت بالرزانة والحكمة مكنت اليمن من تبؤُّ مكانة مرموقة على الصعيدين العربي والدولي، كل ذلك والطموحات ماتزال كثيرة نحو تحقيق المزيد من الانجازات والتحولات. وفي هذه الأثناء بدا أن هناك قوى سياسية بدأت تتآمر على الوطن حيث برزت عناصر شاذة هالتها منجزات الوحدة ومكاسبها فلجأت إلى أسلوبها القديم في حيك المؤامرات وافتعال الأزمات التي أعطت لنفسها الحق في تكرار الخطأ الجسيم الذي ارتكبته في صيف 94م بالتحريض على الانفصال ودعم ورعاية الأعمال التخريبية والعبثية التي شهدتها بعض المحافظات تحت ذريعة المطالبة بالحقوق الوطنية، قبل أن تنكشف نواياهم الشريرة الرامية إلى تشطير الوطن والعودة إلى الانفصال والتشرذم بإعلان قادة الانفصال تنكرهم للعفو العام وذلك بالمجاهرة بإثارة النعرات المناطقية. وفي ظل تنامي الأصوات النشاز التي تسيء لليمن ووحدته بات لزاماً التصدي لهذه القوى المارقة التي تسعى للنيل من الوحدة اليمنية وتحاول الإساءة ليوم خالد في تاريخنا المشرق يوم الانتصار العظيم 7 يوليو.. فذكرى 7يوليو ستظل مناسبة وطنية يحتفي بها كل اليمنيين الشرفاء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وستظل مناسبة للتذكير بقوى الغدر والخيانة والتآمر التي سعت لوأد مشروع وطني عظيم وخالد مقابل ثمن بخس دفعته القوى المريضة الحاقدة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.. من حقنا اليوم أن نفرح ونبتهج بهذه المناسبة، فلولاها - بعد مشيئة الله طبعاً - لما استمرت أنوار الوحدة تنشر أشعتها الزاهية المشبعة شموخاً وإباءً على مختلف أرجاء الوطن. وفي هذا الصباح الوحدوي الندي وبهذه المناسبة الغالية أزف أجمل التهاني القلبية للشعب والقائد والوطن، وأترحم على شهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم الطاهرة ثمناً لترسيخ الوحدة المباركة وتثبيت أركانها في ميادين البطولة والفداء، المجد والشموخ والإباء لليمن الميمون، والثبات والرسوخ والعنفوان والبقاء لوحدته المباركة، والخزي والذل والمهانة لدعاة الانفصال وأذيال التشطير ودامت أعياد الوطن وانتصاراته.. وكل عام والجميع بألف ألف خير.