أجمع الكتاب والمفكرون والسياسيون على ضعف أدوات الحوار في ثقافتنا العربية وغياب مبادئ الحوار الأساسية والحقيقية وسيطرة الرؤية الأحادية المغلقة. فنحن إلى هذا الحد ننتقد أدنى قواعد الحوار ولانقبل النقد الموضوعي البناء، فما إن يبدأ الحوار بيننا حتى يتحول بين عشية وضحاها إلى مهاترات ومناكفات ورفض للرأي الآخر ومعاداته بالنفي حيناً وبالعدوان اللفظي أو المادي في غالب الأحيان ونشعر بجرح غائر عندما نتعرض للنقد وتسارع ثورة الغضب والانفعال بل يتخطى هذا القصور الفكري والسياسي في ثقافة الحوار الأفراد والجماعات ليصل إلى الأنظمة والمنظمات والأحزاب السياسية بمختلف أشكالها وأحجامها وانتماءاتها مع أنه لو امتلكنا الحد الأدنى من ثقافة الحوار لكنا أقل تفككاً وتباعداً وأكثر تلاحقاً وتوافقاً في الدفاع عن مصالحنا وشعوبنا والسمو عالياً بهيبتنا كأمة عربية أمام العدو والصديق. ويعزى هذا القصور في ثقافة الحوار العربي العربي إلى خصائص الذهنية العربية حيناً وإلى قصور في المناهج الدراسية المدرسية وفي أحيان أخرى إلى فشل المشروع العربي النهضوي والتنويري وتلاشيه مع بروز الاتجاهات المتطرفة.. ويفسر ذلك في ضوء الدراسات العلمية والتربوية لثقافة الحوار ظاهرة انخفاض القدرة على قبول الرأي الآخر.. والإخفاق في تطوير الحوار المسؤول والهادف وبلورة عناصر الاتفاق والتوافق وعزلها عن مواضع الخلاف والاختلاف وبالتالي تقليص مساحة الاختلاف وابداع آليات فكرية لاحتوائها ومعالجتها. إن قبول فكرة الآخر ومناقشتها بدلاً من رفضها واشاعة التفكير العلمي المستنير الذي يستند إلى التعددية دون التقيد بمصدر وحيد في تكوين الرأي أو الفكرة هو المدخل الرئيسي لثقافة الحوار لإحداث التطور الحضاري من أجل الحرية، حرية التفكير وحرية التعبير وتنمية ثقافة الحوار وقبول الرأي الآخر والاتجاه نحو البناء الاقتصادي التنموي الهرمي للمنظومة الاقتصادية بيد أن مسألة غياب ثقافة الحوار مسألة شرف بالنسبة للثقافة العربية بل أصبحت قضية وجود. لذا يجب علينا أن نتبنى ثقافة الحوار كمنهج حياة إلى ما يوحدنا ويعزز قيمنا ومبادئنا لا إلى ما يفرقنا ويعمق خلافاتنا.. وهو ما يجب أن نبدأ بتربية ثقافة الحوار في الطفولة المبكرة وهي مسألة تربوية بامتياز في اطار الأسرة تعززها ثقافة اجتماعية. إن الديمقراطية أصبحت ركيزة مهمة من ركائز التربية الحديثة في اطار الأسرة والمدرسة والمجتمع وخارجها على اعتبار أن الديمقراطية ليست مسألة سياسية فقط وإنما هي مسألة تربوية أيضاً تبدأ من المنزل في المراحل الأولى من نمو الطفل وعلاقته بالأسرة لأن الحوار ضرورة تربوية واجتماعية وسياسية. وبلادنا الجمهورية اليمنية ومنذ تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو العظيم 0991م شكل الحوار أو مبدأ ثقافة الحوار المسؤول الفيصل في كثير من القضايا الشائكة وتسويتها.. وهذا ماوفر الظروف المناسبة لتحقيق الحلم الوطني. وظل الحوار ولايزال هو الخيار للسلطة في بلادنا لرأب الصدع وسيلة لحل الخلافات، وهذا ماظل ولايزال يدعو إليه فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح إيماناً بواقعية وضرورة الحوار والارتقاء بثقافة الحوار وتكريس الجهود الوطنية الخيرة نحو التنمية الشاملة وتحقيق الحياة الكريمة لشعبنا اليمني.