كنا نشكو من القمح التالف الدقيق الذي يباع في الأسواق، وانتقلنا إلى الشكوى من قمح الدجاج.. يُباع على أنه القمح المخصص للاستهلاك الآدمي!!.. جمعية حماية المستهلك خاطبت وزير الزراعة والري في مذكرة رسمية الأسبوع الماضي بشأن أنواع رديئة من الذرة الشامية مخصصة كغذاء حيواني لمزارع الدجاج تباع في الأسواق للاستهلاك الآدمي!!. وحذّرت الجمعية من مخاطر ومضار هذه الأصناف الرديئة على صحة المستهلكين «الأوادم». وحتى لو لم تحذر؛ فإن الأمر خطير جداً، لأن ما يصلح للدجاج أو طيور الزينة لا يصلح للأوادم بالضرورة، وإن كنا نشك في مقدرة تجار الجشع والطمع على التمييز بين الإنسان والحيوان؟!. السوق المفتوحة كما يخدعنا منظرو التجارة العالمية البلداء والمحليون باتت مفتوحة على مصراعيها أمام قلوب استقالت من آدميتها، وتخلت عن جميع المبادئ والقيم؛ ما خلا قيم الربح والخسارة وحسابات الكروش والأرصدة الملغومة!!. وفي ظل انعدام الرقابة المحلية والرسمية من أَيّ نوع انجرفت الأسواق إلى مستنقع مليء بالذمم الفاسدة والقلوب المتوحشة، والعقول المفرغة من إنسانيتها الأولى. ولأن المصائب تجد لها سوقاً مفتوحةً، فإن مستوردي غذاء الدجاج «القمح الرديء» يحصلون على إعفاءات جمركية وضريبية، لتشجيع الإنتاج الحيواني كما يقال!. وهكذا زادت المغريات والامتيازات، وتضاعفت الكميات المستوردة باسم مزارع الدجاج لتباع لاحقاً للمستهلكين، فليس هناك رقيب أو حسيب. ولا تلتزم وزارة الزراعة، وتلزم المنافذ البحرية بكميات محددة ومحدودة بحسب الحاجة إلى هذه النوعية من الذرة الرديئة ووفقاً للمعايير والضوابط المفترضة. ما يحدث هو أن الباب انفتح على مصراعيه، والكميات المستوردة زادت عن الحد وعن الحاجة، وفوق هذا وذاك يتم إعفاؤها من الجمارك والضرائب لتباع في السوق غذاءً للناس وليس للدجاج، وبأسعار باهظة!!.