عندما تتكرر الكتابة حول موضوع معين، كموضوع الإسراف في الوقت وعدم احترامه، فلأن الموضوع هذا يدل على أنه قد صار ظاهرة، وأن الأمة كلها ولا يستثنى منها إلا القلة تشارف على فوضى أو هي عبارة واجبة الأداء داخلة في الفوضى!!. لقد لاحظ أحدهم أن هذه الظاهرة تعبر عن برود لا يطاق، برود في المشاعر والإحساسات إلى درجة أن الزمن أصبح هلامياً، غير محدد، وعلى هذا النحو تسير حياتنا. وإذا تحدثنا عن الاستثناء في هذا الموضوع فنحن نعني الضرورة فمواعيد الطيران إلى حد ما هي التي أصبحت محترمة وكذلك إشارات المرور. فالضرورة تقضي إما أن تتركك الطيارة، وأما أن يتجاوزك سائقو سيارات أخرى تقع بعدك أو أمامك أو من بين يديك. ولأن هذا الموضوع ، موضوع اقلاع الطائرة في الموعد المحدد أصبح ضرورة، فإن برود الإحساس لابد أن يصبح حاراً، لابد أن يشعر الإنسان بشيء من المسؤولية. ولا أدري من هو المسؤول عن انضباط الزمن واحترام الوقت، ولكن دعونا ومن منطلق اقلاع الطائرة وتجاوز إشارة المرور نذهب إلى أن المسؤول بالمقام الأول هو صاحب المؤسسة. فمدير المدرسة لو أمر بإغلاق الباب عند السابعة والنصف صباحاً فإنه سيوّلد انضباطاً ، ومدير الموظفين إذا أغلق الحافظة عند الثامنة دون استثناء فإن الأمور ستنضبط. وإذا وقف عسكري المحكمة فمنع المشارعين الضالين غالباً إلا بوجود وعد مسبق في وقت محدد سوف تنصلح الأمور، وهكذا الطبيب، وهكذا قسم الشرطة وهكذا مواعيد تناول الطعام عند الأسرة. نحن بحاجة إلى إعادة «هيكلة» لأن الأمور إذا سارت على هذا النحو من الغوغائية فلن يصلح حالنا أبداً، ولا أدري على ما يدل هذا اللعب بالوقت وعدم احترامه. فبعد ساعة نعني بعد خمس، وغداً بعد شهر، وسنحاول يعني عدم المحاولة.. وهكذا المسألة تحتاج حزماً، والحزم أصبح ليس بيد أحد.