تُرى إلى أي درجة وصل حقل السكينة الذي تعيشه أرواحنا ونحن على مشارف الشهر الكريم؟ أخذتني الحيرة حين كنت الأسبوع الماضي في أحد المحالات التجارية للمواد الغذائية حين رأيت أكثر من امرأة تستعد بأكثر من نوع من الطعام استعداداً لبسط مائدة رمضان. عزيزتي المرأة يارفيقة البهار..ياملح البيوت..يانكهة الحياة اللذيذة تذكري أن هذا الشهر لايشرفنا بمقامه إلاّ مرة كل عام..فلا تنشغلي عند اغتنام لحظاته المباركة عملاً وقولاً..ليس عيباً ولا حراماً أن تعدي لأسرتك الرائعة أشهى أنواع الطعام وألذ أنواع المأكل، لكن تذكري دائماً أن الجوع أعظم طاهٍ..وأن صفوفاً خلف الأسوار والأبواب يقتلهم الجوع وتأكلهم نار الفقر والحاجة.. خاصة جيرانك..أطفالاً ونساء، لاتسمحي للحياة أن تشغلك عن الموت..إنك مهما أكلت فأنت جائعة..مهما امتلكت فأنت فقيرة.. مهما تعافيت فلابد مريضة..مهما تعالى مقامك فلابد ستسكنين تحت الثرى، فاعملي لتلك الساعات الأولى..في ذلك البيت الذي أثاثه التراب ومتكأه الصخر..في ظلمات عظيمة بعضها فوق بعض. لماذا لاتفكري في إدخال السعادة على أهل بيت من المسلمين..كسوة الأطفال سعادة.. قضاء الدين سعادة.. دواء المريض منهم أيضاً سعادة.. زوّدي روحك بالوقود منذ اللحظة.. استطعمي حلاوة العطاء..إذ زمجرت الحياة في وجهك وصب الزمان كدره على قلبك وغشيك الهم واكتحلت عيناك بالغم.. فما من دواء لك إلا العطاء والإنفاق.. وتذكري أن سلة المهملات في بيتك قد تكون وجبة على مائدة سواك، لاتفرحي بالكثير، فكل ما على الأرض زائل..تعلمي بما بين يديك فن الشراء والبيع..اشتري به ابتسامة يتيم.. دعاء محتاج.. فلربما يكون من بين هؤلاء من يناجي ربه والناس نيام فيذكرك عند رب الناس.. تأكدي أن كل ريال تنفقينه..أو لقمة تطعميها..أو شربة تسقيها، لك أضعافها في الدنيا والآخرة، لأن الحسنة في ديننا بعشرة أمثالها..أرجوكِ تجنبي أن يكون رمضاننا هذا - إن كُتبت لنا الحياة - كسائر ما عشنا من رمضان..انشري حولك فيه سكينة الحب واطمئنان العبد لرحمة الرب..من اللحظة ابدئي رسالة تواصل واتصال مع من قطع الغضب حبال المودة بينك وبينهم..ابدئي مشروعاً صغيراً للعطاء واحتفظي بنسخة منه في داخل قلبك، فأحسن الصدقات ماكان سراً لايعلمه إلا الله ثم وزعي بالترغيب نسخاً طبق الأصل لسواك ممن تحبين. عزيزتي المرأة إن السر الكامن في قوة البيوت ومكانتها ليس قضبان الحديد، وأكوام الخرسانة بل إن سرها هو أنت، فلا تكوني قليلة الوعي بما يحدث حولك، وتذكري حال الأم الفلسطينية بماذا تستعد تلك المرأة لرمضان..تعلمي من تلك المرأة كيف يمر عامها كله رمضان..دون أن يكون لها ولأولادها يد في ذلك الجوع وتلك الفاقة..ومع ذلك هي من أكثر أهل الأرض عفة وشرفاً، لأنها لاتسأل إلا خالقها ولاتطلب إلا من بارئها..أرجوكم كونوا قدوة لأبنائكم وزوجاتكم وعلموهم وإياهن حلاوة التكافل والعطاء. وسأحاول الآن أن أضع بين أيديكم مايمكن أن يسهم في رفع مستوى الوعي عند الناس ودعم التكافل الاجتماعي وذلك من خلال جمع زكاة الذهب لأكثر من بيت وتفريج كربة دين عن مدين. الاسهام في شراء المواد الغذائية الاستهلاكية أثناء شرائكم أنتم للمواد الغذائية الخاصة بالشهر الكريم..تعلموا شعور الإيثار عند اصطحاب أبنائكم لشراء كسوة العيد، اجعلوهم يساهمون في كسوة يتيم فيتعلمون أن مايكفي لواحد قد يكفي لاثنين إن أردنا نحن ذلك.. لاتبخلوا في إثراء المساجد في رمضان بحلقات التوعية والتكافل ولاتبخلوا في إعطاء موائد المساجد الكثير مما في بيوتكم..تذكروا أن خلف الأحداق بطوناً جائعة..وجيوباً خاوية..وأرواحاً عفيفة.. نريد أن تعمنا بركات هذا الشهر ليخرجنا ربنا من هذه الأزمة الخانقة التي يرتكبها المخربون..ليكون لنا مجتمع يقف على قدميه بلا عصا.. عزيزتي المرأة..أثق بقدرتك على خلق اجواء من العطف لأنك المدرسة التي نريد.