تبذل الحكومة قصارى جهدها من أجل توفير الخدمات للمواطنين، وعلى ضوء ذلك ترفع الخطط والتصورات والبرامج الاستثمارية للمشاريع ابتداءً من نقطة البداية في الوحدات الإدارية في المديريات والمحافظات وعلى ضوء ذلك تبدأ الدولة في رسم السياسة التنموية في تبني تنفيذ المشاريع الانمائية التي تعود بالنفع على المواطن، وبالتالي يتم اعتماد ما يمكن اعتماده وتوجيه السلطات المحلية، وعلى أن يتم تنفيذ ذلك من مصدرين، الأول تمويل حكومي عبر المجالس المحلية والمصدر الآخر هو التمويل عبر مصادر خارجية، ومن هذه المشاريع المراكز الصحية لب موضوعنا.. حيث تشير احصائيات وزارة الصحة العامة والسكان إلى أن اجمالي ما تنفقه من أموال مقابل تكاليف مباني المراكز الصحية يضاهي مما تنفقه على المستشفيات اجمالاً وكونها خطوة أكثر من رائعة من حيث النظرة إلى ذلك من زاوية العدد، غير أن النظرة تضيق كلما لامست حقيقة ذلك عن قرب. ومن خلال زيارة لأقرب مركز صحي كنموذج تقييمي لبقية المراكز الصحية على مستوى الجمهورية لا شك أن الزائر سيجد ما يندى له الجبين ويشيب منه رأس الغراب، فالمراكز ليست سوى هياكل تحاكي عوامل التعرية ليس إلا فلا إمكانيات ولا أبسط أدوية أو عقاقير طبية وأغلب هذه المراكز مغلفة قد عفى عليها الزمن وتغطت مكاتبها بالغبار وطوت عليها خيوط العنكبوت وحمتها من تآكل الزمان. وبالمقابل إذا كانت أغلب المستوصفات والمستشفيات تشكو حالها فما بالكم بالمراكز الصحية التي لا يوجد فيها أدنى ما يمكن تسميته بالخدمات الصحية والاسعافات الأولية، فالحقيقة تقال وهي ظاهرة للعيان وفي وضح النهار دون شك ومما يؤكد صدق القول: هل كلفت الوزارة المعنية مسئوليها لشئون المراكز الصحية الريفية عناء السفر لزيارة مثل هذه المراكز وبالتالي دراسة هذه التقارير حول ماوصلت إليه حال مثل هذه المراكز الصحية التي تكلف الدولة جهود البحث عن مصادر التمويل وهي ديون محسوبة على الدولة؟ وحقيقة القول ما أريد طرحه بشفافية إن مباني المراكز الصحية إذا كانت قد بنيت من أجل كونها مباني، فهذا موضوع آخر أما إذا كانت من أجل تقديم الخدمات الصحية فأجزم وأبصم بالعشر أن ما تقدمه هذه المراكز التي تُسمي نفسها أو تسميها وزارة الصحة بالمراكز الصحية ما تقدمه من خدمات صحية فهي صفر على الشمال. وعن إدارة المراكز حدث ولا حرج فقد يديرها شخص لديه الخبرة في ضرب الإبر ونادراً ما تجد من يدير مركزاً صحياً من مخرجات المعاهد الصحية والتي ينحصر توزيعها على المستشفيات العامة التي تتركز في المدن الرئيسية والذي يفترض أن تكون بداية عمل مثل هؤلاء الكوادر في الريف لمدة سنتين على الأقل من باب الخدمة الريفية وهي مجرد ملاحظة نتمنى أن تلقى اهتماماً من الجهة المعنية كما هي أمنياتنا بإعادة النظر في موضوع تحسين الوضع في المراكز الصحية من حيث الكيف للمبنى والكادر العامل لا من حيث الكم «العدد» والله من وراء القصد.