إسرائيل تكاد تسيطر على حوض النيل إثر السياسة المنهجية التي بدأت تحوم بها في القارة الإفريقية وخاصة مجرى نهر النيل بكل روافده وصولاً إلى خنق الدولتين العربيتين مصر والسودان منذ قيام هذه الدولة قبل أكثر من ستين عاماً على أرض فلسطين. فجولة ليبرمان - وزير خارجية إسرائيل - في دول حوض النيل قبل أكبر من أسبوع كانت مكرسة لإبرام اتفاقات مع حوالي خمس دول إفريقية تنبع فيها مياه النيل وتلتقي في السودان لتصل إلى الأراضي المصرية مجتمعة مكونة ذلك المشهد الموغل في القدم وبفضله نشأت حضارات هي الأكثر شهرة وعراقة في العالم وفي مقدمتها الحضارات الفرعونية الممتدة عبر آلاف السنين، كانت كل أسرة فرعونية تحكم فيها وتعمل على تخليد ملوكها وسيرة قاداتها ونشاطاتهم المحلية والخارجية عسكرية ومدنية وتنموية ودينية. ليبرمان حرك ما كان قد طرح من رغبات لحكام إسرائيل في قطع مياه النيل عن البلدين العربيين مصر والسودان بحزمة مقترحات بإقامة عدد من السدود في الدول الإفريقية الخمس مغلفة بالنصيحة والمصلحة الإفريقية بإقامة مزارع كبيرة لمستثمرين إسرائيليين تمولهم الصهيونية العالمية واللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدةالأمريكية ليتسنى لها العمل مباشرة على خفض وإنقاص حصة كل من مصر والسودان من مياه النهر العظيم إلى أن تتمكن من حجبها تماماً. ولولا أن أنظمة وحركات تحرر إفريقية تصدت للمشروع الصهيوني أيام المد القومي العربي الذي اكتسح الأقطار العربية في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي حظي بحب وتأييد شعوب تلك الدول وبعض قياداتها مثل أحمد سيكوتوري في غانا وكوامي نكروما في غينيا وجومو كنياتا في كينيا ونيلسون مانديلا من سجنه في جنوب إفريقيا أثناء الحكم العنصري الذي انتهى في بداية تسعينيات القرن الماضي. فقد كان جمال عبدالناصر دعا وبقي يدعو حتى موته في عام 70م إلى تحرير إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من الاستعمار الانجلو فرنسي والبرتغالي والإيطالي والبلجيكي لهذه القارة بما في ذلك دول شمال إفريقيا العربية الخمس، وهبت الشعوب مكونة نواة الثورات التحررية وكانت صور جمال عبدالناصر تعلق في كل مكان وخطاباته تلقى حماساً وتأييداً منقطع النظير لكل ما كان يقوله في المناسبات الوطنية والقومية والأممية. ذهب جمال عبدالناصر فوجدت إسرائيل المجال أمامها مفتوحاً للتوغل أكثر في إفريقيا والتدخل في شئونها وتحريض قياداتها على العرب والمسلمين الموجودين في القارة السوداء في غياب العرب القادرين على الاستثمار منذ أمد طويل في المجال الزراعي وتعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية فيها فماذا سيفعل المصريون والسودانيون وحدهم أمام هذه الأخطار غير المسبوقة التي تحوم حولهم؟؟.