إلى ما قبل سنتين تقريباً كان الوضع الكهربائي في بلادنا أحسن بكثير إذا ما قورن بالحال السيئة والسيئة جداً التي وصل إليها البرنامج اليومي «طفي لصي» حيث كان انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل لا يتجاوز في اليوم الواحد الساعة والنصف ليلاً أو نهارا..ً و كنا رغم ذلك نضيق ذرعاً إلى أقصى درجة بهذه الانقطاعات و تعالت الأصوات من كل حدب وصوب للمطالبة بإصلاح هذه المشكلة كونها أحبطت مصالح البلاد والعباد غير أنه لما عرفنا «يزيد» ترحمنا على «معاوية» وبمعنى أوضح لم يكن يخطر على بال أحد حينها أن يصاب القطاع الكهربائي بكل هذا الضعف لدرجة جعلتنا أغلب ساعات النهار والليل نغرق في عذابات الانقطاعات والظلام الدامس أي أننا انتقلنا من مرحلة «طفي لصي» إلى مرحلة «طفي طفي» وقد وفّق المتفكه الذماري عندما أضاف إلى الصائم فرحة ثالثة لم يتضمنها الحديث الشريف طبعاً وهي الفرحة بعودة الكهرباء بعد طول انقطاع مصوراً بذلك حال الصائم في شهر رمضان المبارك إثر تلاشي الوعود المتكررة من قبل المسئولين ببشائر إصلاح أمراض الكهرباء المزمنة التي حددت بأكثر من سقف زمني وهو ما زاد إحباط الشارع نحو حقيقة دخولنا عهد «يمن خالٍ من الانقطاعات الكهربائية» وكرد فعل على هذا الإحباط يتدافع الآلاف لشراء مولدات كهربائية صغيرة أصبح دويها لا يفارق مسامعنا ليلاً ونهاراً وهم معذورون في هذا الإجراء رغم مساوئه خوفاً من تعطل مصالحهم المرتبطة عضوياً بالتيار الكهربائي وعزاؤنا الوحيد أمام هذه الإشكالية المعقدة الفوانيس الصينية مختلفة الأحجام التي أغرقت أسواق اليمن حتى وإن ظلت هذه الوسائل غير قادرة على الصمود في قلب الظلام الذي يستمر لساعات طويلة وعريضة وهو ما لا يتناسب مع قدرات الفوانيس المحدودة إلا أن ذلك لا يبرر لنا جحود عطاءاتها ويكفيها فضلاً تقليص ميزانية الأسرة المخصصة لمواجهة هذا الكم من الظلمات المتعاقبة والمتراكبة بعضها فوق بعض، يكاد الصائم لا يرى يده الممتدة إلى فطوره إضافة إلى أن لها مبادرة جليلة لم يسبقها إليها أحد، المتمثلة في خفض ضحايا نشوب الحرائق التي كانت تنتج عن الاستخدام المفرط للشمع كما لا ننكر دورها في تخفيف وطأة مداهمة قطع التيار الذي يوشك أن يصيبنا بهوس مرض «فوبيا انقطاع الكهرباء». إننا نعيش هذه الأيام نغمات الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك وكم يحدونا الأمل الذي لن نفقده مهما تعاظمت فترات الإطفاء في أن تتزامن هذه الأيام مع بدء عمل محطة مأرب الغازية في مرحلتها الأولى بعد أن أنهكنا الانتظار والترقب سائلين المولى عز وجل أن لا يطرأ على أعمال إدخالها في الخدمة أي مستجدات ربما لم يحسب القائمون عليها حسابها.. آمين يارب العالمين.