تمتد العلاقة بين الشعبين اليمني والسعودي إلى أعماق التاريخ، رحلة الشتاء والصيف التي جاء ذكرها في القرآن الكريم كانت في جزء منها تعبيراً عن العلاقة في المصالح التجارية والتواصل الاجتماعي بين اليمنيين وأبناء الحجاز وخلال هذه الرحلات تعمقت أواصر العلاقة الاجتماعية بين أبناء الحجاز ونجد وانتقل الأوس والخزرج ذوو الأصول اليمنية للعيش في «يثرب» مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أنصاراً له صلى الله عليه وسلم حتى قويت شوكة الإسلام وانتشر في كل أصقاع الأرض وكانت اليمن والحجاز ونجد والشام ومصر وغيرها من الأمصار في إطار الدولة الإسلامية الكبرى التي حكمت من السند شرقاً حتى الأندلس غرباً وساد الإسلام العالم وحكم العرب العالم بوحدتهم المستندة إلى العقيدة الإسلامية كباعث ومحرك للعلاقة بين كل مكونات الدولة الإسلامية. حتى أبرهة الحبشي الذي احتل اليمن قبل الإسلام وجد اليمنيون يحجون إلى مكة لزيارة الكعبة فعمد إلى إقامة «كعبة صنعاء» وعندما لم يجد استجابة لعمله اتجه إلى مكة في محاولة منه لهدم الكعبة والقصة كما جاء ذكرها في سورة «الفيل» وهو نقل لصورة الترابط الديني بين أبناء اليمن وأبناء الحجاز حتى قبل الإسلام. وعلى مدار القرون الماضية أيام الدولة الإسلامية وبعد انهيارها كان اليمنيون وأبناء نجد والحجاز قبل تكوين المملكة العربية السعودية يتنقلون بحرية تامة في كل المناطق اليمنية أو في الحجاز ونجد والشام، لم يكن هناك جواز سفر ولا بطاقة هوية حتى جاء الاستعمار باتفاقية سايكس بيكو التي رسمت حدوداً بين العرب وقسمتها وفق ما تقتضيه مصلحة الغرب ودفعت العرب إلى الاقتتال على حدود وهمية ويستغلونهم بهذه الحدود فدارت خلال القرن الماضي الكثير من النزاعات على الحدود الوهمية بين معظم الدول العربية مما أفرز حالة من الانقسام وعدم الاستقرار في الوطن العربي عموماً. الماضي البعيد والماضي القريب يمنحنا فرصة في إعادة قراءته بصورة أكثر وضوحاً حتى نستقي منها ملامح المستقبل في خلق علاقات أكثر قوة ومتانة تخدم أبناء الشعبين في البلدين الشقيقين بما يخدم مصالحهما المشتركة ويقف سداً منيعاً أمام كل المحاولات التي تستهدف النيل من هذه العلاقة والعمل على تعزيزها من خلق مجالات أوسع للتعاون في جميع المجالات وتسهيل الإجراءات الخاصة بتنقل المواطنين وقوانين الإقامة بما يمنح العمالة اليمنية فرصاً افضل للعمل في جميع المجالات ويساهم في عدم تأثر الثقافة المجتمعية للمجتمع السعودي بثقافات أخرى بعيدة عن الإسلام وتعمل على تهجين اللغة العربية بلغات اجنبية وذلك لما يجمع المجتمع اليمني والمجتمع السعودي من ثقافات مشتركة. كما أن المصالح الاستراتيجية المتمثلة بالأمن القومي والمصالح الاقتصادية بين البلدين تتطلب رؤية أكثر عمقاً في تحقيق مصالح الطرفين فليس من مصلحة أحد في السعودية والخليج وجود دولة ضعيفة أو دويلات مفككة في جنوب الجزيرة يمر على سواحلها 86% من نفط الخليج العربي وتعد ممراً لكل الطامحين من الأفارقة بالوصول إلى الخليج عبر البحر.