في مطلع من سبتمبر الأغر لما يربو على عشر خلت من شهر رمضان المبارك روى لنا زميل أنه سمع موظفاً في مؤسسة الكهرباء يقول: إنه بعد مدة أكثرها ثلاثة أيام لن يشهد المواطنون انطفاءً قط!! وفي سياق آخر من حديث لأحد الإداريين في كهرباء تعز جاء مايبدد الآمال ويقوّض الأفراح بعد يوم واحد من ذلك التأكيد، حيث قال إن الأمر قد يكون صحيحاً، لكنه لن يكون حلاً نهائياً، فما هي إلا ثلاثة أشهر تكون بمثابة الفاصل الإعلاني حتى يعود بعدها المواطن من جديد لمتابعة أحداث المسلسل التاريخي الشهير«طفي.. لصي». وبين ذا وذاك يأتي تأكيد بعض القيادات العليا في وزارة الكهرباء في الأواخر من شهر شعبان بأن العمل جارٍ على قدم وساق في محطة الكهرباء الغازية، وهو في طور النهاية، وأن بداية الربط بالشبكة القديمة سيكون مع حلول شهر رمضان المبارك. وكّنا حينها قد قلنا إن الصائمين في بلادنا قد أضيف لهم في هذا العام فرحة ثالثة وهي «فرحتهم بالإنارة المتواصلة»، لكن.. هاهو رمضان يلملم شتات أوراقه للرحيل، وليس مع الصائم«اليمني» إلا فرحتان، «عند فطره وعند لقاء ربه».. فصدق الله وكذبت مؤسسة الكهرباء.! والحقيقة أننا لانستطيع أن نقدح بجهود الآخرين بغير علم ولاكتاب مبين، لكن حسبنا في«التصريحات» العجلى لقيادات مؤسسة الكهرباء التي اتضح أنها من كلام كاهن أو قول شاعر، لأننا نشتم من هذا التخبط أن العمل في المحطة الغازية يجري على ساق بلا قدم. أي أن هناك معيقات تعيق العمل أن يصل إلى مستوى الإنجاز قد تكون ضعف الخبرة.. وهو الأقرب.. وقد يكون الفساد حضر لرعاية الافتتاح، وقد سكت الجميع عنه احتراماً لتاريخ وجوده في الكهرباء، وقد يكون لاهذا ولاذاك، ولكن المشروع بطبيعته يحتاج إلى وقت أطول. غير أن الأمر المثير للجدل ذلك التخبط الذي يحرج الحكومة أمام صغار المستفيدين من الكهرباء، فهذا يقول وذاك يقول ويأتي ثالث لينقضهما ورابع يؤكدهما والخامس لاينقض ولايؤكد بل يلزم عبارات فضفاضة من قبيل «قريباً، عما قريب» ونحن لاندري هل هذا القرب بمقدار ميل الكحل أم ميل المسافة أم الميل البحري.!! مع الكهرباء- إذن- يكون المواطن أمام متوالية من الأقوال المتلاحقة شبيهة بالبرنامج الإذاعي والأدبي الشهير«قول على قول» للغوي والكتاب والمفكر حسن الكرمي- رحمه الله- الذي استمر يذيعه عن القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية «لندن» قرابة الثلاثين عاماً، وكان قد نقل حلقاته إلى كتاب حمل نفس عنوان البرنامج في ثلاثة عشر مجلداً، ظفرت مرة بجزء منه عند أحدهم فرأيت فيه ثروة أدبية رائعة، قدمها صاحبها بطريقة سلسة. والمهم في هذا الصدد هو تحاشي الارتجالية مع التزام الشفافية فيما تقدم عليه مؤسسة الكهرباء ، كأن توضح للناس ماالحكمة من تشغيل الكهرباء بمولدات مستأجرة بمبالغ باهظة سنوياً يقال إن قيمة شرائها - لو اشترتها- لاتساوي أكثر من نصف هذه المبالغ، المدفوعة لسنة واحدة فقط أفيدونا أفادكم الله.. لكن بقول واحد.!!