إن مايحدث في صعدة من تمرد وعصيان وزعزعة للأمن والاستقرار لايعتبر مشهداً جديداً أو حدثاً عابراً على الساحة اليمنية فتاريخ اليمن حافل بالكثير من الوقائع والأحداث المليئة بالعديد من الدروس والعبر لأعمال التمرد والعصيان وإشعال نار الفتن من قبل أفراد أو جماعات من الخارجين عن الأنظمة والقوانين النافذة للدولة بغية الانفصال أو الانسلاخ عنها أو بهدف التسلط الديني أو الحزبي والطبقي أو لغرض الابتزاز السياسي.. كما هو حاصل اليوم من تمرد وعصيان من قبل شلة من العصابات المنظمة بزعامة اثنين من آل الحوثي وأشياعهم الذين تنحدر سلالتهم أو نسبهم وقرابتهم إلى أسرة آل حميد الدين«الهاشمية» التي حكمت اليمن لعدة عقود من الزمن والتي أحكمت قبضتها على الشعب اليمني وقسمته إلى شيع وطوائف يعتلي بعضها على الأخرى ويذيق بعضها بأس بعض باسم الدين وافتراءً عليه. ولم يكن تمرد الحوثي في صعدة بالحدث الجديد في تاريخ اليمن الزاخر بأحداث التمرد والعصيان لأمثاله من المارقين والمرتزقة الطامعين في الاستيلاء على خيرات البلاد وتسخيرها لمصالحهم الشخصية فلو رجعنا إلى كتاب «حضارة اليمن القديم» للكاتب والمؤرخ اليمني الكبير زيد عنان لوجدنا أن هذا الكتاب قد تحدث عن كثير من حركات الانفصال والتمرد والعصيان والملاحم البطولية لدحرها من قبل قادة الجيش العظماء، فقد تضمن الكتاب المذكور ترجمة لبعض النقوش المكتوبة بالخط المسند على أعمدة وجدران معبد بلقيس الأثري في مدينة مأرب إلى اللغة العربية حيث تتحدث تلك النقوش عن حادثة تمرد لبعض الفتية في مدينة صوار ودمون ومشطة وكليب وكابع» فما كان من الملك ذمار علي ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت إلا أن أمر القائد العام للجيش واسمه سعد تالب يتلف، بتدمير أوكار التمرد تلك في مدن حضرموت المشار إليها حيث انتصر عليهم القائد سعد تالب وقتل منهم قرابة ال«700» شخص وأسر أكثر من«3000» شخص وكان من بين الأسرى بعض رموز التمرد والعصيان ومنهم أنمر وربيعة بن وائل وافعي بن جشم بن مالك وأسد بن سلمان وعدي بن نمير وقيس بن بشر وثوم بن سكيم وثوبان جذيمة الصدفين وميدع وقضاع من آل سيبنين. ولدى وصول القائد سعد تالب إلى مأرب مصطحباً الأسرى المذكورين واعوانهم قدم تمثالاً من البرونز للاله إلمقه حمداً على وصوله إلى مأرب وانتصاره على المتمردين في تلك المدن بحضرموت. من خلال تلك الواقعة التاريخية الراسخة والموثقة بخط المسند في معبد بلقيس بمأرب منذ آلاف السنين فإنه يمكن لنا من خلالها استنباط أمر في بالغ الأهمية الا وهو التأكيد على حقيقة وحدة اليمن شمالاً وجنوباً منذ آلاف السنين والتي كانت قديما تعرف باسم مملكة سبأ وملكها ذمار علي ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات. ومن جانب آخر فقد كانت الواقعة البطولية بمثابة عبرة وعظة لاولئك الذين ينادون بإعادة تشطير اليمن وفصل جنوبه عن شماله والذين هم شبه بمن سبقهم ممن دعوا بالامس إلى الانفصال عن مملكة سبأ والذين كانت عاقبة أمرهم القتل والذل والهوان والأسر عل يد سعد تالب القائد العسكري العام لجيش ذمار علي ملك سبأ وذي ريدان كما رأينا. فهل كان الحوثي وأتباعه يجهلون هذه العبر والدروس التاريخية؟ ام ان اميتهم وجهلهم بتاريخ اليمن وحضارته القديمة قد جعلتهم كمن قال المولى تعالى فيهم «صم بكم عمي فهم لايبصرون» أم كمن قال فيهم «أولئك كالانعام بل هم اضل»؟ إن مايدعو إليه مجرد خرافات وخزعبلات ما انزل الله بها من سلطان.. انه ممن يفترون على الله الكذب وهم يعلمون، وان كان بذلك قد امكن له التغرير على ثلة من الغاوين في صعدة وضواحيها فأنى له التغرير على شعب بأكمله ؟ وفيه من العلماء من بلغوا درجة الافتاء والذين قالوا لاللطائفية والمذهبية والعنصرية ولا للخروج عن الجماعة وسلطة الدولة وأولي الأمر وبالتالي فليس للحوثي سوى التسليم والخضوع لسلطان الدولة وأولي الأمر القائمين عليها ممن اختارهم الشعب وارتضى بهم عن طريق الاقتراع بالطرق الديمقراطية والحضارية وإلا فقد استحق غضب الله والدولة والناس اجمعين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. وأخيراً نقول لأولئك المغرر بهم من اتباع الحوثي عليكم ان تغتنموا الفرصة الأخيرة قبل فوات الأوان وتستجيبوا لنداء القيادة السياسية بزعامة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله الحريص على عدم سفك الدماء أو ازهاق الأرواح ونداءاته المتكررة لكم إلى تحكيم العقل والتخلي عن طريق الشيطان والرجوع عن غيكم والتوبة عما اقترفتموه من اخطاء وتسليم اسلحتكم لتعودوا سالمين إلى اهليكم وذويكم وإلا فقد اعذر من انذر ولاعدوان إلا على الظالمين.