خلال أيام العيد الأولى تسابق المواطنون الكرام، خصوصاً في الأحياء الخلفية للمدينة في حمل أكبر قدر من أكياس النفايات التي تحمل القمامة من مخلفات المطابخ وفيها مايخطر ومالا يخطر على بال من أنواع القمامة.حيث يختلط مافي الحفاظات من هدايا الأطفال مع بقايا الحليب والزبادي مع قشر الموز والشمام والبصل والثوم والطماطم وقشر البيض وعلب الحليب والتونة والقوارير البلاستيكية وغير ذلك من نفايات المطابخ.. يستدعي هذا الكرنفال العظيم من النفايات جماعات الكلاب والقطط ومختلف الحشرات والبكتيريا والفيروسات بما فيها فيروسات الانفلونزا، وشلل الأطفال وداء الكبد وغير ذلك من الآفات والسموم والفطريات والذباب المنزلي.. كرنفال يتآلف فيه الكلاب والقطط، تجدهم كما لو كانوا قد عقدوا بينهم حلفاً أو معاهدة عدم الاعتداء بينهم، فاتفقوا أن يكون نبش الأكياس البلاستيكية وتمزيقها أمراً مشتركاً بين الجميع، فما يُلحس يكون من نصيب القطط وما يقضم أو يكسر يكون من نصيب الكلاب.. وإذا تعذر نبش الأكياس البلاستيكية أو تمزيقها، فلا مانع من سحلها في الشارع ليتهتك الكيس ويلقي مافيه من عجائب المطابخ على طول الشارع وعرضه، بالأسود والأحمر والأصفر بكل ألوان الطيف ولكنها ألوان كئيبة، فاسدة ومقززة ومقرفة، تعلوها الروائح الكريهة ويحوم حولها الذباب. ليس ذلك فقط، بل هناك كرنفال آخر أشد تنوعاً تصنعه البقالات التي تفتح أبواب الفوضى للزبائن من الأطفال ومن صغار العقول من الشباب والكبار.. ونستغفر الله من إطلاق كلمة صغار العقول على شبابنا.. فإنهم يرون أنفسهم ويراهم الناس أكمل عقولاً وأنضج تفكيراً وأرقى ذوقاً وأحسن أدباً. بالله عليكم، انظروا إلى أطفالنا وهم يلقون في الشارع بكل قرطاس وبكل علبة وبكل قارورة ثم انظروا إلى الشباب الصغار والكبار، هل يختلفون عن الأطفال في شيء؟؟ فأين هو العقل إذن؟ وأين هو نضوج الفكر؟ وأين الذوق وحسن الأدب؟ لقد تحولت الأحياء والشوارع الخلفية بفضل هذا الانفلات الجماعي في التعامل مع البيئة إلى ساحات موبوءة تنذر بانتشار أشد الأمراض فتكا بصحة الأطفال وصحة الكبار والصغار، ناهيك عن انتشار الروائح الكريهة والمناظر المزرية.. كان بالامكان التقليل من عيوب المطابخ والبقالات، وكان بالامكان أن لا يفضح شبابنا في تدني نضجهم وصغر عقولهم وقلة شعورهم بالمسؤولية تجاه وطنهم ممثلاً بنظافة الحي والشارع والزقاق.. كان بالإمكان أن نستر على شبابنا حتى لا يظهروا على هذا النحو القاصر في التعامل مع النظافة وصحة البيئة.. كان ذلك بالإمكان لو أن القائمين على النظافة لم يناموا طوال إجازة العيد أو طوال الأيام الأولى من الاجازة على الأقل!! لكنهم ناموا سامحهم الله..!! ناموا في أشد الأوقات حرجاً وأكثر الأوقات خطورة في أهمية مرور سيارة النظافة!!. اختفت سيارة النظافة في وقت كنا أشد حاجة إليها من حاجتنا للحفاوة بأهلنا وأقاربنا بمناسبة العيد السعيد!! كنا أشد حاجة لسيارة النظافة في اجازة العيد من حاجتنا للبقالات التي لم نجد فيها إلا عبئاً ثقيلاً على صحة البيئة، دون أن تجد من يتابعها أو يوجه أصحابها ويرشدهم إلى مسؤولياتهم تجاه صحة البيئة. بالله عليكم ماذا نفعل بهذه المسميات كلها دون أن نتعلم منها تحديد المسئول عن النظافة؟! هل هو شخص أم هيئة؟! لماذا يكون المسؤول عن النظافة «كياناً» بدون رأس؟ وأحياناً يقولون صحة البيئة أو الإصحاح البيئي؟! ثم ينتقلون من هذه المسميات إلى مسميات أخرى مثل: تحسين المدينة وكيف تتحسن المدينة قبل أن تتحسن الأخلاق؟ كيف تتحسن المدينة قبل أن تتحسن الذمم؟ وتتحسن العقول؟ ويتحسن الذوق، كيف تتحسن النظافة ولا يوجد رأس للنظافة؟ لقد ترك أمر النظافة لرؤوس صغار، لا يقدرون معنى النظافة ولا أهميتها ولا علاقتها بالذوق والثقافة والتربية.. تركت النظافة بدون رأس نرجع إليه عندما تغرق شوارعنا بأكوام القمامة.. أما الرؤوس الصغيرة الموكل إليها أمر النظافة فلا تجد من يتابعها ولا تجد من يأخذ بيدها أو يؤهلها أو يرشدها، لا تجد المكافآت ولا التشجيع كما لا تجد العقوبة على التقصير. وعندما يحتاج حي من الأحياء إلى خمس سيارات أو على الأقل ثلاث سيارات تتناوب العمل ثلاث مرات أو خمس مرات.. فإنه لا يخصص لهذا الحي سوى سيارة واحدة فإذا تعطلت، تراكمت القمامة كالجبال..! فأين الرأس الذي يستطيع أن يدير رؤوس المسؤولين في مختلف أقسام النظافة بجدارة وكفاءة عالية فيعد لكل شيء عدته وفق خطة مدروسة وبرنامج ذكى حتى لا تتكرر مآسي النظافة خصوصاً أيام الأعياد، أين الذين يحاسبون على هذه الأخطاء؟ أو يحوسبوننا على الافتراء إن ظنوا أننا نقول غير الحق!!؟؟