المليح كما يقولون «ما يكملش».. والحسنة تخص، بينما السيئة تعم.. وأية جهود أو إجراءات هدفها حماية القانون والحفاظ على النظام هي بلا شك محل احترام وتقدير الجميع.. وتعاونهم.. وارتياحهم.. لكن البعض يحب أن يمارس مهمة الإفساد.. ولا يجد من يحاسبه ويعاقبه. وقد تكون المرتبات والعائد المالي المتدني في الوظائف الحكومية أو الأمنية سبباً في أن «يخرّب» البعض أو الأغلب «النظام» أو أن يحولوه إلى وسيلة للابتزاز وشفط الجيوب وبعيون مبهررة!!. ومثل ذلك يفقد الجهات الحكومية الاحترام.. ويتسبب في تفشي الأخطاء والسلبيات، ويثير السخط والاستياء عند الناس. وعندما تنفذ الإدارة العامة للمرور حملة ميدانية - لإلزام السائقين بربط حزام الأمان - فإن ذلك هو الإجراء الذي انتظرناه كثيراً.. وطالبنا به مراراً.. وأكدناه - ومازلنا- في ظل ازدياد ضحايا حوادث السيارات وارتفاع عدد الموتى ممن لم يلتزموا بربط الحزام وتساهلوا وكان بالإمكان أن يتفادوا الكارثة لو التزاموا بشروط وقواعد السلامة. وهذه الخطوة تستحق الإشادة.. لكنها تحولت عند البعض إلى وسيلة لما يسمونه «سلبطة» حين يخرج جندي المرور أو الضابط عن اختصاصاته ويحوّل السائق المخالف إلى «ضحية»!!. ومعروف للجميع أن عملية الإلزام بربط الحزام تحتاج لوقت، خاصة وهي «مفاجأة» وبعد أن اعتاد السائقون على عدم الاهتمام بربط حزام الأمان.. بل وصل الحال عند الكثيرين إلى حد الاستخفاف والاستهتار معاً، وربما التحدي بعدم الالتزام!!. ومعنى ذلك أن الأمر يحتاج إلى حملة توعية قوية يمارسها رجال المرور أنفسهم قبل أن يمارسوا حملة الالتزام والضبط وتحرير المخالفات. لكن أن تتحول الجولات والشوارع إلى ألغام مرورية تستهدف الابتزاز قبل الالتزام، فهذا هو الخطأ بعينه.. وهو الذي سيحكم على إجراء ربط الأحزمة بالفشل من البداية، مادام وهو مصحوب بمقصد البحث عن فريسة أو تدبير «حق المصروف»!!. سيتفهم القيادي المروري النشط يحيي زاهر ما أقوله.. ولا أعتقد أنه لن يوليه اهتمامه، فهو كما عرفته يبحث عن الأخطاء قبل الإيجابيات ،وهذه سمة مهمة عند من يطلب النجاح. ولا أظنه إلا متفهماً ومتجاوباً ومبادراً - ومعه المديرون الآخرون - لمحاضرة رجال المرور في الكيفية الصحيحة لتطبيق إجراء ربط الأحزمة.. وتنبيههم إلى ضرورة احترام السائقين الذين التزموا بربط الحزام، وعدم تحويلهم إلى ضحايا.. بينما يتم غض الطرف عن مخالفين آخرين لأنهم يجيدون فن «المخارجة»!!. وللتوضيح أكثر.. شاهدت يوم أمس بأم عينيّ - في تقاطع شارع المطار مع الستين في صنعاء - مجموعة من رجال الأمن المركزي والمرور قبل أن تنتصف شمس الظهيرة؛ وقد تحولوا جميعاً إلى باحثين عن المخالفين مرورياً.. وليس أمنياً..!!. وكان هناك رجل مهندم اقترب من الحملة التفتيشية ووقف بسيارته وهو رابط لحزام الأمان.. وبدلاً عن أن رجل المرور يبتسم ويشكر ذلك الرجل لالتزامه فاجأه بأسئلة أخرى: أين «كرت» السيارة.. أين الرخصة.. أين.. أين..؟!. وهكذا قدم شرطي المرور شكره لمن يلتزمون .. وتحول من باحث عن التزام إلى باحث عن ابتزاز !!.