وهل كانوا نياماً حتى يصحوا؟ كيف يكونون نياماً ونحن نراهم يملأون الأسواق بما في ذلك سوق القات ويملأون المحلات بما في ذلك محلات «الاتاري» والألعاب الالكترونية المختلفة؟!. كيف يكونون نياماً ونحن نراهم يلعبون ويلهون ويخزنون القات في الليل والنهار ويلعبون «الدمنة» ولعبة الحنش أو يفترشون الأرض يراقبون الغاديات والرايحات!!! أليس ذلك يدل على منتهى اليقظة أو الصحوة؟ فما قيمة أن نكتب مقالاً بعنوان «صحوة الشباب» فهل كانوا نياماً؟. نوضح هذا الأمر: هل السكران صاحٍ؟ أو بمعنى آخر: هل السكران متيقظ؟ الذين يعتبرونه صاحياً نسألهم: كم من المهام يمكن أن يوكلها الناس إلى أمثال هؤلاء؟ هل يتمكن سكران من قيادة طائرة أو سيارة أو قيادة دراجة نارية أو حتى عجلة عادية أو «جارياً» يحمل بطاطاً أو بيضاً؟. هل يمكن لمن تناول بعض الحبوب المنومة أو المسهرة أو المنشطة أن يوكل إليه نفس المهام المذكورة أو بعضها؟. فالمعروف أن الخمر يعطل وظيفة الخلية العصبية عن طريق إحداث تغيرات كيميائية تؤدي إلى تغيرات وظيفية وكذلك تفعل «الحبوب» التي يتناولها الشباب للنوم أو لجلب النشاط وكذلك يفعل القات بأصحابه فإنه يتسبب في حرمانهم من النوم المريح، إلا أن يكون نوماً قلقاً ومتوتراً يفضي بصاحبه إلى نوع من العصبية والكآبة وعدم القدرة على الأداء بصورة فاعلة، أما ما يظنه بعض الناس في القات أنه يمنحهم النشاط في قيادة السيارات وأعمال الخراطة والسباكة والسمكرة وأعمال البناء واللحام والحياكة وصناعة المقاطب والكوافي وغير ذلك من الأعمال اليدوية، فإنه حقاً يمنحهم بعض النشاط الآني الذي يمكنهم من الأداء ولكن بدون جودة أو إبداع لأن اليد التي تصنع الشيء موصلة بأسلاك عصبية إلى المخ بكل أجزائه وتفرعاته، فأي تغيير في الخلية العصبية ينتقل إلى اليد الصانعة فيؤثر فيها سلباً وليس إيجاباً فيكون ذلك على حساب الجودة أو الإتقان، أما الإبداع فليس له وجود في ظل تعطيل وظيفة الخلية العصبية، مهما كان التغيير طفيفاً أو ضئيلاً.. الإبداع ليس له وجود في ظل أي مؤثرات خارجية على المخ ذلك كله يجعلنا نسأل الشباب: ماهو مفهومكم للصحوة أو اليقظة. إن فئران التجارب وأرانب المختبرات لايعتبرهم العلماء في حالة صحوة أو يقظة كاملة إلا بعد أن تتخلص أجسامهم من تأثير المواد التي دخلت أجسامهم.. فهل يمكن أن يعتبر نفسه في حالة يقظة أو صحوة، بينما الخلايا التي يتكون منها الجهاز العصبي تجد كل يوم من يدق على جدرانها، بل ويخترقها إلى الداخل من الشوارد الحرة السامة المنطلقة من دخان السجائر و«عصيدة» القات التي تمتلئ بها أشداق الموالعة، فما أن يستقر «النيكوتين» وماهو أشر من النيكوتين داخل الخلايا العصبية حتى يصبح الإنسان بعد قليل إنساناً مختلفاً في مزاجه وتفكيره، في سمته وأخلاقه ثم هو شخص آخر طوال مسائه وليله وهو شخص آخر عند يقظته في اليوم التالي!! ثم هو فوق عمله ماذا تحسبه يعمل؟ وهل يُركن على أمثال هؤلاء في التخطيط؟ أو في التنفيذ؟ أو في المتابعة؟ أو في الاخلاص والالتزام؟ هل يمكن لأمثال هؤلاء أن يكونوا مبدعين إبداعاً حقيقياً وليس مزيفاً كما يبدع الصابون في إحداث رغاوي وفقاقيع تسر الناظرين لكنها تتلاشى مثل الزبد الذي يذهب جفاء، فأين ماينفع الناس؟! ياشبابنا: نريد لكن صحوة كتلك التي أيقظت الفضيل بن عياض من رقدته أو غفلته.. كان يظن نفسه صاحياً مثلكم فإذا به يكتشف أنه لم يكن صاحياً ولا متيقظاً، اكتشف ذلك وهو يتسلق داراً ليسرق المال أو لينتهك العرض، فلما اقترب من تحقيق غايته سمع في دجى الليل صوتاً خاشعاً تتصدع من سماعه الجبال والأركان يتلو آيات الله، سمعه يتلو: [ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله، ومانزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون] ابحثوا عن قصة الفضيل ابن عياض في الكتب لتعلموا ماذا تفعل الصحوة أو اليقظة بأصحابها ولتكونوا على يقين أنكم اليوم لستم على شيء من اليقظة أو الصحوة.