استنفرت إسرائيل دبلوماسيتها في الأيام الماضية في كل اتجاه بدءاً من أوروبا والولايات المتحدة بنبرة التهديد لدول الاتحاد الأوروبي من مغبة الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وعلى تسريب نسخة من التقرير الذي أعدته السويد الرئيسة الحالية للاتحاد الأوروبي وحصلت الخارجية الاسرائيلية على نسخة منه. فقد ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن إسرائيل ستعتبر هذه الخطوة الأوروبية بالغة الخطورة على مستقبلها وتضع الدول الأوروبية في زاوية هي في غنى عنها وتنسف كل ما كانت تلك المجموعة المكونة من ثلاث وعشرين دولة أوروبية ، ما كانت قد كونته من إرث نال احترام الإسرائيليين وثقتهم بأن أياً من تلك الدول وأياً كان الحزب الذي سيحكمها فلن تغير تأييدها لإسرائيل ودعمها لها حتى وإن كانت تشن الحروب على الفلسطينيين والعرب بأسلحة فتاكة ومحرمة دولياً. وقد كان ظهور الناطق باسم الحكومة البريطانية عقب الضجة والتحذير الاسرائيلي يوم الثلاثاء الماضي ليعلن أن الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة والقدس الغربية عاصمة لدولة إسرائيل هو قرار سبق أن اتخذته الدول الأوروبية وأيدته اللجنة الرباعية منذ فترة وتحصيل حاصل في ضوء الأعمال الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي ولقرار مجلس الأمن 242الصادر عام 67والذي تبنته بريطانيا عبر مندوبها لورد كارادون في مجلس الأمن في ذلك الوقت.. ورغم أن المتحدث البريطاني قد أوضح الموقف الرسمي للمملكة المتحدة بجلاء كردٍ على التهديدات الإسرائيلية، إلا أن بعض المراقبين لايستبعدون تراجع تلك الدولة وبقية الدول الأوروبية بما فيها السويد التي تعتري علاقاتها مع إسرائيل بعض التوترات نظراً لإدانة السويد الحرب الإسرائيلية على غزة في بداية هذا العام واعتبارها حرب إبادة مع أن الاعتراف مشروط بقيام السلطة الفلسطينية بإعلان الدولة في ظل الاحتلال والهدم المستمر والتغيير الشامل لمعالم القدس وطرد السكان من منازلهم في حي الشيخ جراح وباب المغاربة وباب العمود. وليس من المحتمل أن يعلن الفلسطينيون دولتهم في غضون عام أو عامين تحت الضغط الأمريكي والإسرائيلي المصحوب بالتحذير من توقف عملية السلام المعقدة أصلاً والمتوقفة عملياً بسبب الإجراءات الإسرائيلية النشطة لفرض الأمر الواقع على المدينة المقدسة خاصة ووضع حد لأي مطالب فلسطينية عربية ودولية بقسمة القدس على اثنين. وبالنسبة للمستوطنات في الضفة الغربية القديمة أو الجديدة فالإسرائيليون يخشون من إجبارهم على إزالتها في حال استقل الفلسطينيون بدولتهم بحدود عام 67 وعدم القبول بتبادل الأراضي التي كانت إسرائيل قد لمحت إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين في حال انسحبت من أجزاء من الضفة الغربية وإجراء تعديلات على حدود أربعة يونيو عام 67بالإبقاء على المستوطنات تحت إدارة الحكومة الإسرائيلية مقابل إعطاء الفلسطينيين بعض الأراضي في النقب والجليل جنوب إسرائيل وهي مجرد أراض صحراوية غير زراعية وشحيحة الموارد المائية. نزاهة ومصداقية الاتحاد الأوروبي في المحك الإسرائيلي، فإذا غيروا قرارهم الذي لم يصدر بعد وخضعوا للتهديدات الإسرائيلية فهنا تكون المصداقية والنزاهة وأما إذا أصدر وتضمن الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية فلن يكون الاتحاد الأوروبي شريكاً في عملية السلام الذي أجهضت إسرائيل كل الخطوات والمبادرات لإنجازه على مراحل، ولا شريكاً تجارياً كما كان الاتحاد الأوروبي، وبعض أعضائه قد أوصوا بالشراكة التجارية الكاملة مع اسرائيل، واحتمال تراجع الاتحاد الأوروبي وارد جداً كون العرب الحلقة الأضعف، والضعيف لا يحصل على بعض حقوقه إلا إذا استجدى ملايين المرات.