حصلت اسرائيل على ما كانت تريده في غضون ساعات فقط من إذاعة خبر الحكم الذي أصدرته محكمة مقاطعة وستمنستر البريطانية باعتقال وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة سيبني ليفني إذا قدمت إلى لندن بتهمة ارتكابها جريمة حرب بحق أبناء غزة في بداية العام الحالي لما كانت تشغل منصب وزير الخارجية. فقد استنفرت حكومة نتن ياهو المؤتلفة من أحزاب متطرفة عديدة كل قواها وشنت في أول رد فعل حملة ضد بريطانيا هددت فيها باستبعاد حكومة بريطانيا التي كانت الصانع الأول لاسرائيل بموجب قرار إعطاء فلسطين لليهود عام 1917م والذي سمي وعداً فيما كانت الحرب العالمية الأولى قد أوشكت على النهاية، وكان العرب ومنهم الفلسطينيون وبقيادة الشريف حسين يقاتلون إلى جانب الدولتين الاستعماريتين بريطانيا وفرنسا. تحرك اللوبي الصهيوني في بريطانيا بالتحديد بسرعة فائقة امتثالاً لأمر حكومة اسرائيل لحملة الحكومة البريطانية على تغيير النظام القضائي العريق وإلغاء الحكم القاضي باعتقال مجرمة الحرب ليفني فوراً ليكون مقدمة التعديلات على النظام القضائي البريطاني منعاً لأية مذكرات بحق مجرمي الحرب الاسرائيليين: ايهود اولمرت وشاؤول موفاز وايهود باراك المدرجين حالياً على لائحة الاتهام في المحكمة الابتدائية البريطانية المذكورة. فهل الإنذار الاسرائيلي يحرم البريطانيين من أي دور في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط وهم لم يقدموا شيئاً ذا قيمة سوى بعض الأموال للفلسطينيين، وكانوا دائماً في وضع الاستعداد لتنفيذ ما يطلبه منهم الأمريكيون اللهم إلا التزام مندوبهم في لجنة حقوق الإنسان التي رأسها الجنوب أفريقي اليهودي الأصل جولدستون الذي أدان الاسرائيليين العسكريين والمدنيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة قبل حوالي العام. ومن المحتمل أن تذعن الحكومة البريطانية للاستسلام للضغوط التي مورست عليها خلال ثلاثة أيام، وقد كانت تلك الحكومة تحاول إظهار نفسها بأنها غير حكومة توني بلير الذي ضحك على القادة العرب مرات عديدة بزعمه أنه مع وقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية متجنباً ذكر القدس كعاصمة للفلسطينيين. فأية قوة أكبر من قوة اللوبي الصهيوني الذي يأمر فيطاع حتى في تغيير القوانين والدساتير الأوروبية والأمريكية بما يخدم مصلحة اسرائيل ويعزز قبضتها على القوانين الدولية وميثاق الأممالمتحدة، في الوقت الذي يزعم أولئك الذين كانوا هم السبب في سلب الفلسطينيين أرضهم وديارهم وهم الذين قسموا الدول العربية مكافأة لهذه الدول وشعوبها على القتال معهم ضد الألمان وحلفائهم في الحرب العالمية الأولى وفي الحرب العالمية الثانية. إن صوت اللوبي الصهيوني فوق كل صوت، ويؤكد ذلك هذا الانهيار الأخلاقي للحكومة البريطانية تحت ضربات اليهود والصهيونية من خلفهم، فالمتهمة الإسرائيلية ليفني كانت في لندن أثناء صدور مذكرة الاعتقال وقد عادت إلى إسرائيل في نفس اليوم بتواطؤ الأجهزة الأمنية البريطانية أو بأوامر الحكومة البريطانية التي لم تنفِ هذا الخبر. وليس من المستبعد أن تقدم حكومة المملكة المتحدة اعتذاراً مشفوعاً بالتعهد بألا يتخذ بعد اليوم قرار يمس أياً من الإسرائيليين حتى وإن كان قد ارتكب لوحده ما ارتكبته النازية طيلة فترة حكمها لألمانيا ضد الألمان والأوروبيين وغيرهم.