شرعت إدارة اليمين الأمريكي على عهد بوش الابن في تنفيذ مرئيات برنامجها الانتخابي بتسارع استمد قوة دفعه التبريرية من أحداث سبتمبر، وهكذا شهد العالم حربي العراق وأفغانستان رغم أنف الإجماع الدولي برفض الحرب في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما سارعت الادارة اليمينية الأمريكية بنشر الصواريخ في البيئة الحيوية لروسيا، وأصرّت على الانفراد بالقضية الفلسطينية، كما أصرّت على تعميم روشتات البنطك الدولي وصندوق النقد الدولي، الأمر الذي ألحق أفدح الأضرار بالبلدان الفقيرة . لم توفّر ادارة بوش اليمينية الجهد والمال وهي تندفع بكل قوتها لتعلن حرباً عالمية ضد الإرهاب، ولتقول للجميع : «من ليس معنا فهو ضدنا» ، ولتستفز روسيا والصين وفرنسا على عهد المخضرم شيراك، ولتباشر حرباً إعلامية ضد كل من يتصدّى لرؤيتها، ولتركل المسألة الفلسطينية بأحذية العسكرتاريا الاسرائيلية المجرمة التي استباحت الفلسطينيين قتلاً بالسلاح وبالحصار، ولتلجم دول الجوار العربي ممن يشكلون المنفذ الحياتي الوحيد لفلسطينيي الحصار والتجويع والفقر . تم كل ذلك خلال سنوات ما بعد أحداث سبتمبر، غير أن الأهداف التي رسمتها الادارة اليمينية خبت وتراجعت، بل وأسفرت عن فشل ذريع دونه ما نراه ماثلاً في العراق وأفغاسنتان، وحتى الصومال . الآن وبعد أن كان ما كان .. ماذا بوسع الديمقراطيين المُكبّلين بأغلال المتاهات والدماء أن يفعلوا ؟ .. لقد وعد أوباما بالتغيير، لكن هذا التغيير لم يتمكن من صد الأزمة المالية العاتية، ولا تسوية الملفات الخارجية العالقة وما أكثرها، ولم يتمكن أيضاً من لجم وحشية البنتاغون وفرقاء شارع المال ومجمع صناعات الُسلحة. غاب اليمين الجمهوري ظاهراً ، لكنه مازال فاعلاً كما كان الحال قبل حين .