عندما يكون الهدف عظيماً والمشروع كبيراً تكون الإرادة أكثر تفاعلاً، لأن الهدف يعبر عن العقل الجمعي وليس الفردي أو الجزئي القائم على التجزئة والتقسيم لإضعاف الشيء والتقليل من أهميته، بل محاولة إخفائه من الوجود. الأمر الذي يؤكد أهمية نظرية القوة التي تعتمد على تجميع القدرات والطاقات وتوحيد الإرادات وصهرها في إرادة وطنية واحدة تلبي طموحات الكل وتعزز الوحدة الوطنية وتجعلها قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. إن القوة والقدرة على المواجهة والحفاظ على الكيان لا تأتي إلا عبر التوحد، وهو ما سعى إليه اليمنيون منذ فجر التاريخ، فقد قدم لنا التاريخ السياسي لليمن دروساً بالغة التأثير في هذا الجانب. حيث برهنت الأحداث التي دونها التاريخ أن اليمن لم تمتلك زمام أمرها إلا في ظل الوحدة، ولم تكن قادرة على الإسهام الحضاري والإنساني إلا في ظل الوحدة، ولم تعمر السدود وتشيد البنيان إلا في ظل الوحدة. ولعل الشواهد التاريخية أبرز دليل على ذلك الفعل الإنساني الحضاري القائم على الجهد الكلي الذي ترك أثراً حياً يشهد على فاعلية وعملية نظرية القوة الكامنة في الوحدة والتوحد الذي لم يفارقه اليمنيون إلا وفارقهم الإبداع وزالت عنهم القوة وسادهم الذل والهوان وانعدم فعلهم الإنساني والحضاري وتخطفهم الأعداء وتعرض اليمن لنهب الأطماع الخارجية. إن الذين يحاولون اليوم تمزيق اليمن إنما ينفذون أجندة خارجية ذات أطماع استعمارية قديمة هالها ما فعله اليمنيون في 22 مايو1990م وما حققوه من عز وشموخ للإنسان اليمني عقب ذلك التاريخ المجيد. وإن الذين يقومون بتنفيذ هذا المشروع التمزيقي ليسوا أكثر من مغفلين ومغرر بهم يجهلون التاريخ، غلبت عليهم شقوتهم، وحالت نفسياتهم المريضة دون النزوع إلى العزة والشموخ، وجعلتهم أذلة لا يرون أنفسهم إلا في مستنقع الاستعباد والهوان. وأمثال هؤلاء لا صلة لهم باليمن على الإطلاق، لأن اليمني الأصيل لا يشعر بوجوده إلا في صفوف إخوانه قوي بقوتهم، وعزيز بعزتهم. بل إن هؤلاء خارجون عن الإرادة الإلهية القائمة على الاعتصام بحبل الخالق جل وعلا، فهل يدرك المغفلون ذلك؟!.