إنها قصة نجاح تستحق التأمل بأكثر من معنى فقد عاشت العاصمة صنعاء أفراحاً بمناسبة أفتتاح سلسلة مطاعم الطازج التي يقودها نبيل الخامري. إن نبيل الخامري نفسه يمثل قصة نجاح فريدة, فهو مثقف ويتميز بشخصية قيادية وإخلاص بلا حدود.. يمتلك الرجل بداخله طاقة هائلة من التحدي ربما مكنته من أن يهزم حملات الحقد والحسد والغيرة معتمداً في ذلك على ثقافته وحبه لوطنه.ولعل مايمنحني حق الحديث عن نبيل الخامري هو بساطة الرجل وتواضعه, فقد أغلق كل أبواب ونوافذ الغرور التي أصابت كثيراً ممن هم في وضعه أو أقل منه. إن نبيل الخامري في تبنيه لسلسلة مطاعم «الطازج» يمثل درساً في فن الاستثمار الذي هو عصب أي نجاح, فالقضية ليست قضية إمكانيات وإنما القضية في اختيار المشروع المستثمر وأثره في الحد من آثار الأزمة الاقتصادية وأثر ذلك أيضاً في مجالات التشغيل والعمالة, خاصة في ظل الركود الاقتصادي والسياحي اللذين أثرا على حجم التوظيف والتشغيل. سلسلة مطاعم «الطازج» التي ستمتد إلى أكثر من محافظة ستشغّل أكثر من ألف عامل, يتوزعون في تقديم الخدمة وفي مزارع الدواجن والمسالخ والنقل. لقد رأيت البسمة وهي ترتسم على شفاه الأطفال وهم يمرحون في فناء المطعم وأسرهم تجلس على مقربة منهم.. إنه منتجع سياحي يشجع على رفع نسبة السياحة الداخلية خاصة بعد تراجع السياحة الخارجية بسبب التهديدات الإرهابية. يعد هذا المشروع من المتغيرات الكبرى في المجال الاقتصادي والسياحي. مطلوب من الحكومة أن تشجع مثل هذه المشاريع وتقدم تسهيلات ضريبية وأن تبتعد عن البيروقراطية والازداجية في التعامل مع المستثمرين فالبيروقراطية تعد واحدة من أسباب تباطؤ تطور المجتمع, إضافة إلى أنها سبب رئيسي في تراجع الاستثمار داخل الوطن. إن استثمارات الخامري داخل اليمن وخارجها هي امتداد لما قام به الحاج أبو توفيق الخامري رحمه الله والذي كان له دور كبير في خدمة المجتمع اليمني من خلال مساهمته في أعمال الخير وفي تأسيس أول جائزة للبحث العلمي هي جائزة الخامري منطلقاً من إيمانه المطلق بأن الله لايضيع أجر من أحسن عملا. وقد بذر هذه الصفات الحميدة في أبنائه الذين ساروا على دربه بعد أن زرع فيهم روح المحبة لوطنهم ومجتمعهم بصورة لم تعرفها المؤسسات الأخرى.. لقد غرس هذا الرجل في أبنائه قاعدة أساسية هي أن الاستثمار مرتبط بالثقافة وأي مشروع استثماري يجنح للربح بدون أن يحمل قيماً ثقافية فهو مشروع مكتوب له الفشل, لذلك وجدنا نبيل الخامري تنطلق مشاريعه من البعد الثقافي فكلما ارتفع وعي الناس, كلما زادت قدراتهم الشرائية. إضافة إلى أن الاستثمار يرتبط أصلاً بتحديث المجتمع وتغير النسق القيمي.. إن هذا المقال دعوة لاحتذاء مثل هذه المشاريع وإدخال عنصر الثقافة في السياسة والاقتصاد وفي مداولاتنا حول التغيير وتقدم البلاد, حيث كثيراً ماتنعدم الصلة مابين الاستثمار والثقافة وعندما يحدث ذلك لايختفي فقط مايحدث من تغيير وإنما يظهر معه المفارقة الكبرى مابين بلدنا والبلدان الأخرى. والأكثر خطورة أن البلاد تمر في مرحلة استثمار قذر في بناء العقارات بدون مواقف للسيارات في مدينة لايوجد بها شوارع، كل ذلك يحرم البلاد من قوة الدفع والاندفاع التي تنتج عن وعي ثقافي يحدث عمليات التغيير ويحقق التراكم الضروري الذي يوفر شروط الاستقرار السياسي والاقتصادي ولعل ذلك كان قصة البلدان التي تقدمت, عندما نجحت في توفير سلسلة من التغيرات عندما قاد اقتصادها مجموعة من أصحاب رأس المال المثقفين ومن لايصدق ذلك فما عليه إلا مراجعة قصص الانتقال في آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية والتي تحكي قصة النجاح, وفي نفس الوقت مراجعة قصتنا نحن الذين يحكمنا رأس مال جاهل لايساهم في عملية التحديث ولا في خلق التنمية الحقيقية. مبروك لليمن هذه الاستثمارات التي لم تأت من فراغ ولم تولد بالمصادفة وإنما هو العنوان الأبرز لإرادة التحدي لدى هولاء!