مما لا شك فيه أن التعليم يعتبر الركيزة الأساسية لبناء وتقدم أي مجتمع، وبالتعليم نستطيع الوصول إلى الأهداف النبيلة المنشودة في حماية الوطن والفكر والأجيال القادمة، وكل ما يتعلق بهما سياسياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً. لقد كان التعليم أحد أهم ثمار الثورة المباركة والذي كان التعليم قبل قيامها محصوراً في فئة محددة من الناس، فالذين عاصروا فترة ما قبل الثورة وما بعدها هم الذين يُدركون الفرق، حتى إن بعضهم لا يُصدق التطور الذي حصل في الوقت الراهن رغم وجود بعض الاختلالات. لكن ما الذي يجري للتعليم في بلدنا، وأين يكمن الخلل، وهل الخلل فينا كمواطنين أم من المسئولين عن التعليم؟! أسئلة تحتاج منا جميعاً مواطنين ومسؤولين إلى إجابات شفافة علنا نُدرك أين الخلل ونتمكن من علاجه.. فالتعليم من وجهة نظري في الآونة الأخيرة تدهور بشكل لافت للنظر حتى أصبح الجميع ينادي بإعادة الهيبة للعلم والمعلم في ظل الاستهتار الذي نلحظه سواء من بعض الطلاب الذين لا يحترمون العلم والمعلم أو من بعض المعلمين الذين لا يحترمون الرسالة التي يؤدونها في إنشاء جيل مُحصن بالعلم والمعرفة. لقد لفت نظري خبراً قرأته في بعض الصحف ومفاده بأنه سيتم نقل مراكز امتحانات الشهادة الثانوية في محافظة تعز إلى الجامعة، وهنا أود أن أطرح سؤالاً بسيطاً وهو: هل الإخوة الذين اتخذوا هذا القرار مقتنعون به وبما ستترتب عليه من نتائج وأعباء مادية، أم أنه كغيره من القرارات التي تُتخذ كل عام مع بداية الامتحانات أو حين تحدث تغييرات لبعض مدراء العموم، وهل توقيت اختبارات الثانوية لا يتعارض مع وقت اختبارات الجامعة؟!. لا أتوقع أبداً أن يكون نقل مركز من مكان إلى آخر حلاً جذرياً للغش الذي يحصل كل عام رغم تكرار نفس الكلام كل عام بأن وزارة التربية ومكاتبها في المحافظات قد ابتكرت أسلوباً جديداً لمنع الغش. ولا نرى على أرض الواقع إلا مزيداً من تنامي هذه الظاهرة وبتشجيع من المُراقبين ومدراء المراكز الامتحانية أنفسهم، حيث يحصل بعضهم على مبالغ من المال مقابل القيام بهذ العمل اللا أخلاقي ويباركهم في ذلك بعض أولياء أمور الطلاب الذين لا تهمهم سوى وجود الشهادة فقط!!. من وجهة نظري يجب أن يكون الحل جذرياً، بحيث يجب أن تتكون أولاً ثقافة لدى الجميع طلاباً ومعلمين وأولياء أمور ومسؤولين بتجريم عملية الغش، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إعادة تقييم بعض المعلمين الذين يُمارسون مهنة التعليم وهم غير أكفاء بسبب أن مؤهلاتهم قد تم الحصول عليها بطرق غير شرعية وتطبيق أشد العقوبات عليهم؛ لأن الغش يُعتبر أحد الطرق غير الشرعية في الحصول على مؤهل، ومن ثم الحصول على وظيفة أي ما بُني على باطل فهو باطل، وبذلك يكونون عبرةً لغيرهم لأنه عند تنفيذ أي عقوبات على عدد من المفسدين غالباً تكون لها نتائج ومردودات فعالة وإيجابية تردع الآخرين، وتجعل الشخص يفكر قبل أن يقدم على أي من أنواع الفساد الذي يعتبر الغش أحد أنواعه. في الأخير أتمنى أن يتعاون الجميع من أجل أن تصل رسالة التعليم إلى الجميع دون أدنى نقصٍ أو تمييز بين الذكور والإناث، لأن الغش وإنشاء جيل غير متسلح بالعلم والمعرفة خيانة عظمى للوطن. وعلى المسئولين إدراك هذا الخطر قبل فوات الأوان، لأنه إذا ساد الغش في المجتمع فلن يكون هناك معلم أو طبيب أو دكتور أو طيار نستطيع الثقة فيه، فالوطن بحاجة إلى عقول تبنيه. ولنطوِ صفحة الماضي، وليكن هذا العام عام خير وسلام ومحبة ووئام، وبداية مرحلةٍ جديدة مليئة بالخير والعطاء والتقدم والازدهار.