هناك من تذكّر في ال21 من مارس أمه التي حملته هوناً في بطنها تسعة أشهر وسهرت على راحته ليال لتخفّف عنه جراحه وترسم على شفتيه الابتسامة إلى أن قوى عوده فكان جزاؤها أن أدار لها ظهره ليقبل على الحياة بقلب قاسٍ لاينبض بمشاعر الحب والوفاء . وهناك من ظل على قطيعة مع ست الحبايب واستكثر عليها يوماً يتيماً يقدم لها باقة من الطاعة في يوم عيدها ولو بابتسامة وقُبلة على الخدين. وهناك من لم يكن في حاجة إلى مارس ليتذكر منبع الحب وشريان الحنان. كيف للإنسان أن يتغيّر تجاه أمه وكيف له أن ينكر على نفسه من ربّته وأعدته رجلاً؟. إنها الدنيا التي تحمل مفارقات ومتناقضات في المشاعر والأحاسيس ومثل مانجد الولد البار نجد في الجانب الآخر عاصي الوالدين وما أكثرهم عندما يغادرها فلذة كبدها بعيداً عن حجرها تظل وحيدة تتحسس خطاه منتظرة هبّة ريح تحمل رائحة المفارق دون أمل . لا أحد يشعر بألم الأم إلا من أخذته قدماه إلى دار رعاية المسنين ومن هنّ خلف القضبان ,حيث الألم لايئن ولا ينتحب بل يُذبح كما تذبح الشاه دون أن يسُن سكينه. جاء عيد الأم ورحل وهناك من احتفل وهناك من أضاف إلى الحزن انهاراً من دموع الأمهات. إن عيدالأم ليس هدية تقدم ولا رسالة تبعث عبر الجوال أو زيارة خاطفة لتنتهي عندها الحكاية بل طاعة وبر ووصل يعود به إلى حضن أمه كطفل صغير لايحدد بيوم من أيام السنة.