بحسرة سأل المحرر الثقافي في(أنباء موسكو): إلى متى ستظل الدراما والسينما الروسية مجهولة بالنسبة للمشاهد العربي؟! وطرح هذا السؤال برسم القيمين على الفضائيات العربية. مثل هذا السؤال ظل طويلاً يشغلني ولكن لم أكن أحصره في الانتاج الدرامي الروسي فقط, بل بالانتاج الأجنبي المغيب كلياً عن المشاهد العربي, أمام اغراق شبه كلي للسينما والدراما الأمريكية والقليل من الانتاج الغربي ودخول الدراما المكسيكية وبعدها التركية على الخط. والسؤال في جوهره: لماذا لم تلتفت الفضائيات العربية إلى الانتاج السينمائي والتلفزيوني الروسي الذي يمتلك سمات خاصة وبعيدة عن طريقة الانتاج في هوليود في الطرح والمضمون وحتى في المونتاج والتصوير كما يقول المحرر الثقافي في أنباء موسكو. لعل الكثير من المتابعين يدركون الاختلاف الجوهري الواضح بين النمطين من الانتاج السينمائي والدرامي, ولايختلفون أن هناك منتجاً روسياً و(سوفيتياً) سابقاً يتمتع بثراء واضح في اختيار الموضوعات أو أسلوب المعالجة, ولكن ومع سبق الاصرار والترصد تعمل الفضائيات العربية على تكريس النمط الهوليودي والسوبرمان الأمريكي الذي يتولى انقاذ العالم في جو فنتازي مليء بالأكشن والاثارة والإبهار البصري الذي تتفوق به هوليود وشبيهاتها. هناك الكثير من الانتاج الروسي – ولنأخذه مثلاً- من زمن الحقبة السوفيتية ومما ينتج حالياً جدير بالمشاهدة, بل يمثّل منتوجاً درامياً راقياً, فالسينما السوفيتية إلى جانب أنها قدمت بطولات الحرب العالمية الثانية, قدمت روائع تولستوي وجوركي وقصص الاستخبارات المثيرة وغيرها. كما أن الانتاج الموجه للأطفال ومنه رسوم الأطفال المتحركة وخاصة المنتجة قديماً تتفوق على مثيلاتها الأمريكية واليابانية في مضمونها الذي يركز على بناء شخصية الطفل عبر تقديم متعة وفائدة لايجري تبديدها عن طريق رسالة العنف واللامعنى التي يتصف بها مما تعرضه قنوات الأطفال العربية وهنا كان محرر ابناء موسكو محقاً جداً. نعلم أن إغراق المشاهد العربي بأفلام الاكشن والرعب الأمريكية هي ضمن جهود فرض النموذج الأمريكي وثقافة القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي, ولكن أليس بمقدور أرباب الفضائيات العربية الخروج قليلاً والالتفات إلى الانتاج الروسي مثلاً!.. إنهم سيجدون هناك فناً, كما أنني أتوقع أن يكون المنتوج غير مكلف! في السنوات القليلة الماضية خرج العرب إلى الدراما المكسيكية ثم التركية, فلماذا لايخرجون ولو على سبيل التجربة إلى الدراما والسينما الروسية؟!.. أم أن النموذج الأمريكي محكم الخناق على الرقاب!