قبل أيام قررت اسرائيل طرد أكثر من (70) ألف فلسطيني من الضفة الغربية وترحيلهم إلى قطاع غزة بدعوى انتهاء فترات الاقامة الممنوحة لهم والتحقيق من كثافة التنقل عبر المعابر بين الضفة وقطاع غزة. بالمقابل وكما هي العادة صدرت بيانات الشجب والادانة والاستنكار من السلطة الفلسطينية والجامعة العربية ودعت الجامعة إلى اجتماع عاجل لمجلسها الموقر لمناقشة القرار وتأثيره على عملية السلام. لاينتظر اتخاذ أي موقف ايجابي خارج إطار ماهو مألوف من بيانات الشجب والاستنكار، لكن السؤال هو: ماهي الأهداف الاسرائيلية من هذا القرار؟؟ وماذا يعني طرد الفلسطينيين من أصول غزاوية من الضفة؟؟ اسرائيل تتبع سياسة واضحة ومتدرجة في تهويد فلسطين فاعتمدت على سياسة الاحلال في 1948م وتمكنت من طرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم في حرب النكبة بمجازر وحشية انتهكت فيها كل الأعراف والمواثيق الدولية، فحادثة اللد في 11يوليو 1948م شاهد حي على جملة الجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، فخلال صيف قائظ وصلت فيه درجة الحرارة إلى أكثر من 40درجة دخلت العصابات الصهيونية اللد وكان يعيش فيها (30) ألف فلسطيني اضافة إلى 40ألف لاجيء من يافا والقرى المجاورة لها وتقع مدينة اللد جنوب تل أبيب (عاصمة الكيان الصهيوني). قاد عمليات التطهير العرقي في هذه المدينة(اسحاق رابين) الذي تدافع بعض الزعماء العرب للمشاركة بمراسيم تشييع جثمانه عقب مقتله على يد متطرف صهيوني في 1997م.. تمكنت العصابات الصهيونية من طرد مابين(60-50) ألفاً من السكان من منازلهم وأجبر الكثير منهم على السير شرقاً.ووصف (بيني موريس) في كتابه (ولادة مشكلة اللاجئ الفلسطيني (1949-1947م) هذه الحادثة بالقول: حشد هائل من اللاجئين يسيرون واحداً إثر آخر، النساء يسرن محملات بالأغراض والأكياس فوق رؤوسهن.. الأمهات يسحبن أطفالهن وراءهن.. بين حين وآخر تسمع طلقات تحذير تحثهم على المسير.. سدّ عشرات الآلاف من اللاجئين الطرق وهم يرمون بين حين وآخر بعض ممتلكاتهم التي أخذوها معهم وماعادوا يستطيعون حملها في مسيرتهم الطويلة وكان اللاجئون يعانون من شحة المياه ولم يصلوا إلى رام الله إلا بعد ثلاثة أيام بعد أن مات منهم(350) على الأقل بسبب العطش والارهاق. وتبقى حادثة طرد الفلسطينيين من اللد والرملة الغربية منها جرحاً عميقاً في الذاكرة الفلسطينية بسبب هول الأحداث التي رافقتها ولكن هذا الحادث ليس الهول الوحيد للنكبة الفلسطينية فقد طرد أكثر من (750) ألف فلسطيني من منازلهم وأراضيهم وأخليت (418) قرية فلسطينية من سكانها تماماً حسب الشهادات الاسرائيلية والبريطانية. السياسة الاسرائيلية الهادفة إلى تهويد القدس وطرد سكانها الأصليين تأتي امتداداً لتلك السياسة القديمة التي بدأت منذ 1936م وسياسة الاستيطان هي امتداد لسياسة الاحلال وطرد 70 ألف فلسطيني من الضفة إلى القطاع هي سياسة تستهدف اخلاء الضفة من الفلسطينيين على مراحل وبحجج وذرائع مختلفة. الاستسلام لهذا القرار وتنفيذه من قبل اسرائيل سيزيد من جملة المشاكل التي يعانيها الفلسطينيون وليس أمام السلطة الفلسطينية إلا أن تفك ارتباطاتها مع اسرائيل وتدعو إلى انتفاضة ثالثة تعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد لتبقى في دائرة الاهتمام الدولي القلق على مصالحه في الشرق الأوسط وبنفس الوقت على الدول العربية أن تتخذ قراراً حازماً بالاعلان الواضح والصريح عن دعمها لهذه الانتفاضة حتى يستقيم الأمر.