11 عالماً في تاريخ مغامرات الأفكار جاءهم وميض عجيب فأوحى إليهم بأفكار غيرت التفكير الإنساني، وتركت بصمات عملهم في أثر لايمحى وهم عينة من تيار من العلماء وصل معظمهم إلى أفكار وقوانين جديدة تحت تأثير وميض العبقرية في لحظة مباركة. سقوط التفاحة عند (1)(اسحق نيوتن) أوحت له بفكرة الجاذبية وكان أبوه يأكلها أو يطعمها الحمار. وتراقص غطاء أبريق الشاي الذي يغلي أوحت للعالم (2)(دينيس بابان) بفكرة ضغط البخار فتم استخدامه قبل مائتي سنة وسيرت على القضبان القطارات تحت تأثير ضغط الماء المغلي المحبوس. وكان كل الناس يرون تراقص غطاء أبريق الماء الذي يغلي فلم يفهموا منه سوى أن يقوموا فينزلوا الأبريق عن النار. و(3)(آرخميدس) في حوض الماء عندما انزاح الماء عن جسمه في الحوض أوحى له بقانون الطفو والوزن النوعي للذهب فركض من الحمام عارياً يصيح (اوريكا اوريكا) أي وجدتها وجدتها. ويعني أنه عثر على الحل والتفسير لتاج الملك هل هو ذهب حقيق أم مغشوش. ومن قانون آرخميدس في الطفو تمشي اليوم سفن الحديد العملاقة في المحيطات وكأنها الأعلام. وفكرة اختراع ماكينة الطباعة جاءت ل (4)(يوهان جوتنبرغ) وكأنها أشعة شمس نافذة تقول له ماذا يفعل وكانت قبله فكرة بسيطة من أي خاتم عليه نقش يكفي أن يكبر سطح الخاتم الى صفحة ويوضع عليه حبر ويطبع فوق صفحة ورق. هذه الفكرة البسيطة كانت قد أراحت نساخ الورق في بغداد بشكل خرافي ولكن وميض العبقرية يحتاج إلى شروط ووسط. وأما(5)(ابن خلدون) فقد انتبه إلى قوانين الاجتماع خلال هدأة من الفكر استمرت خمسة أشهر في حياته الصاخبة التي استمرت 75 سنة بين تونس والأندلس ومصر ولولا هذه الأشهر المباركة في قلعة عريف لما وصل إلى يدنا هذا الإنتاج الفذ الذي وصفه صاحبه بالحكم القريبة المحجوبة التي جاءته على نحو مفاجئ. أما (6) (شامبليون) الذي فك أسرار اللغة الهيروغليفية فجاءته أيضاً في ليلة ليلاء بعد جهد مكثف لسنوات ثم التمعت في لحظة واحدة من وميض العبقرية فخر على الأرض مغشياً عليه لأن الفراعنة وكهنتهم خرجوا عليه دفعة واحدة يتحدثون ويروون له حياة كاملة كانت ميتة مغيبة في ضمير العدم لمدة ثلاثة آلاف سنة ويزيد. أما(7) آينشتاين فقد ولدت في ذهنه النسبية وهو يتصور نفسه معتلياً شعاعاً من الضوء وخيل إليه في لحظة أنه ثابت فقال بثبات سرعة الضوء ومن أسرار الضوء ولدت النظرية النسبية الخاصة بكل تطبيقاتها ومنها تفجير الذرة والسلاح النووي. و(8). أما (اوجست كيكول) فقد فهم (حلقة البنزين) في الكيمياء العضوية بمنام خرج عليه ثعبان بفحيح قام بأكل ذيله. وفي ليلة تاريخية وصل الفيلسوف (9)ديكارت عام 1630 جنوب مدينة (أولم) في المانيا إلى منهجه التحليلي المشهور ( المقال على المنهج) وحرب الثلاثين عاماً الضروس تأكل الأخضر واليابس في الأرض الألمانية. أما (10) باسكال فقد خرج بأجمل نظرياته في ليلة محمومة كاد أن يغشى عليه من الألم فكتب (الخواطر). وفي غابات الأمازون كان (11) (الفرد راسل والاس) يهذي تحت تأثير الحمى ولسع البعوض وفي أتونها انقدحت في ذهنه نظرية انتخاب الأنواع. مشكلة العبقرية أن كل واحد منا يمكن أن تنقدح عنده ويصل إليها ولكننا بطريقة ما نطفئ هذا النور الفطري فينا فيعيش في ظلمات ليس بخارج منها.