كان آخر تأكيد أمريكي على حماية اسرائيل في الأسبوع الماضي على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بمناسبة لا تستحق هذا التأكيد على الإطلاق.. لأنه لم يرد في الأخبار أن أسراباً من الطائرات الحربية أو عشرات من الصواريخ بعيدة المدى قد ضربت أهدافاً داخل اسرائيل وفي حيفا ويافا وإيلات من قبل سوريا أو حزب الله أو من حماس أو من إيران. فالعكس هو الصحيح؛ إذ تمطر الآلة العسكرية الاسرائيلية كل ما حولها من المناطق الفلسطينية واللبنانية بصورة شبه يومية يُقتل فيها العديد من الأبرياء، وتُدمر مساكن ومنشآت وورش صغيرة، ويُعتقل العشرات خاصة في الضفة الغربية أمام أعين السلطة في رام الله ومن ضمنهم بعض حراس رئيس السلطة الأسبوع الماضي!!. والقوات الاسرائيلية البرية اجتازت الحدود اللبنانية ولم تستطع قوات “اليونيفيل” منعها؛ فتصدى لها أبناء الجنوب اللبناني وأجبروها على التراجع إلى المكان الذي انطلقت منه. ودائماً تحلّق الطائرات الاسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية، وتحدث هلعاً في العاصمة «بيروت» عند اختراقها حاجز الصوت عن قرب، ويسمى هذا في العرف الدولي “انتهاكاً للسيادة الوطنية” لأي بلد من قبل عدو أو طرف خارجي يعتمد على القوة الطاغية في إرهابه الرسمي. إنه كان من الأجدر بوزيرة الخارجية الأمريكية توبيخ اسرائيل على أعمالها الحربية اليومية التي لا تستند إلى مبرر يجعل الولاياتالمتحدة تعتبرها ضحية أو محاطة بأعداء أقوى منها بالأسلحة البرية والجوية والبحرية الحديثة كالتي لدى اسرائيل من أمريكا ومن دول أخرى ومن صناعتها العسكرية التي تصدّر منها إلى دول عديدة بعشرات المليارات سنوياً ومنها الطائرات دون طيار والدبابات «ميركافا» والصواريخ والذخائر الفتاكة. إن أمريكا مطالبة بالوفاء بالوعد بالعمل على حل القضية الفلسطينية كما وعد الرئيس أوباما بعد توليه الرئاسة الأمريكية قبل أكثر من عام أو في خطابه بجامعة القاهرة في نهاية العام الماضي وذلك بقيام الدولة الفلسطينية بحدود عام 67م، ووقف الاستيطان، وفك الحصار الشامل عن غزة، و الإفراج عن الأسرى والأموال الفلسطينية المجمدة لدى اسرائيل. لا أن تتحدث عن التزام أمريكا بأمن وحماية اسرائيل بمناسبة ودون مناسبة؛ اللهم إلا إذا كان التصريح الأخير لوزيرة الخارجية الأمريكية مرتبطاً بالاتهام لسوريا بأنها أرسلت صواريخ “سكود” لحزب الله، ونفى المسئولون السوريون ذلك نفياً قاطعاً وقالوا إنه بمثابة تمهيد لعدوان اسرائيلي واسع النطاق على سوريا ولبنان وقطاع غزة. إن ما يصدر عن تل أبيب تتلقاه الإدارة الأمريكية كفرمان لها بأن تردد بعدها الاتهامات الموجهة للضحايا والمستهدفين العرب بتهديد أمن اسرائيل للتغطية على نشاطاتها الميدانية التي يعارضها الرأي العام الدولي باستثناء اللوبي الصهيوني وأعوانه في الولاياتالمتحدة الذي يعمل بشراسة مستمرة على تقويض المفاوضات والمقاربات التي تحدث أحياناً لوجهات النظر بين كل من الفلسطينيين والاسرائيليين من ناحية، ومن ناحية أخرى بين السوريين والاسرائيليين بوساطة تركية كانت قد بلغت مرحلة متقدمة أفسدتها الاعتداءات الاسرائيلية والمغالطات التي تسبقها وتعقبها لحقيقة ما يجري. فالمبادرة العربية للسلام مع اسرائيل ظلت معروضة لثماني سنوات رغم المعارضة الشعبية لها في الأقطار العربية باعتبارها تنازلات دون ثمن وملبية مطالب اسرائيل بقصد ذر الرماد على العيون. ولما رفضتها اسرائيل عملياً وقرر العرب سحبها عقب الاعتداءات الاسرائيلية الأخيرة على القدس ومحيطها انتقدت وزيرة الخارجية الأمريكية ما أسمته التهديد بسحب المبادرة العربية؛ دون أن تخاطب رئيس وزراء اسرائيل بأي شيء عن سياسته التي ينتقدها بعض الساسة الاسرائيليين أنفسهم باعتبارها تتعارض مع المساعي الأمريكية والعربية والدولية لإنهاء النزاع بصورة عاجلة رغم أن العدالة قد غابت عن الأسس التي بُنيت عليها مفاوضات السلام إلى الآن.