وحدة الروحين والجسدين تؤدي إلى أن يكون كل طرف يمثل حالة خلَّاقة وبطريقته الخاصة، وكل هذا ما كان له أن يكون لولا تلك النفحة الإلهية السابقة على الوجود والسلوك. المحبة إيجابية بالضرورة.. إنها تحتضن الكل دونما تمييز، وهي وحيدة متفردة حتى وإن تداعت مع التنوع والكثرة، إنها تتحلَّى بالصفاء والوهج بقدر ابتعادها عن الغضب والشراسة والكراهية. جلال الدين الرومي هو أحد أهم مؤلفي المقطوعات الموسيقية التي أثرت إلى حد كبير على الموسيقى الشرقية والحال فإن رؤيته تجاه الموسيقى تنطلق من فكرة وحدة الوجود وترى أن العالم مموسق ومحكوم بتلك النواميس التي أودعها الحق في موجوداته، فالحياة تستقيم على الموسيقى ولا مفر لها من الانسياب مع معطياتها. هذه الرؤية كان لها حضور في الشرق والغرب معاً، يقول الرومي: «الإنسان وتر بيد الخالق» ويقول: «كم نسعد عندما نعرف بأي أيادٍ نتموضع» .. الحب والعدل والتصالح مع الذات هي القيم الإلهية التي تحدد هويتنا. تلك هي رسالة جلال الدين الرومي حيث يقول: «الإنسان قبل الحب جاءه طرق بالباب يأتيه صوت الحب ويسأله: من هناك؟ يجيب: أنا. يرد عليه الصوت: ليس هنا مكان ل«أنا» و «أنت» وينغلق الباب بصرامة .. بعد عام من الوحدة والحزن يُطرق الباب مجدداً فيأتيه صوت ويسأله: من هناك ؟ يقول: أنت!! وهنا ينفتح الباب على مصراعيه!!”