العلاقة العربية الأفريكانية لا تقف عند حد الدين واللغة فقط، بل تشمل الفنون الشعبية والموسيقى والعمارة مما نستدل عليها في القوالب اللحنية المتساوقة في السلالم الخماسية والسداسية ذات الحضور العربي الأفريكاني الكبير. كما نلحظها في عمارة الدور والمساجد، وفي أنساق الرقصات الشعبية المتشابهة مثل رقصة « الليوة» الشهيرة المنتشرة في شرق أفريقيا، وفي كامل الامتدادات الساحلية بالجزيرة العربية، وصولاً إلى البصرة في العراق، بالإضافة إلى الأنماط الصوتية اللسانية في اللغة صرفاً ونحواً ، ومثاله المختار هنا تصريف الأفعال في اللغة الصومالية والذي يترادف حصراً مع تصاريف الأفعال في العربية، وفي العربية نقول : أعرف .. تعرف .. يعرف، ومقابلها في الصومالية : أغانا .. يغانا .. تغانا « لاحظ الألف والتاء والياء » . لم تكن العلاقات العربية الأفريكانية التاريخية علاقة أخذ وعطاء من طرف واحد كما يبدو لأول وهلة، بل علاقة أخذ وعطاء متبادلين بين الطرفين، فبقدر تأثير الثقافة العربية الإسلامية على افريقيا كان لثقافات القارة المتعددة أثرها أيضاً على الثقافة العربية، ولم يكن الأمر رديف الفتوحات على قدر أهميتها اتساعاً وتنوعاً، بل كانت حاضرة أيضاً قبل الإسلام، ويكفي في هذا الباب الإشارة إلى بعض الأسماء الأعلام في تاريخ الجاهلية والإسلام : الأول هو الشاعر الكبير عنترة بن شداد العبسي الذي تحوّل إلى بطل من أبطال السير الشعبية، والثاني بلال بن رباح مؤذن المسلمين الأول الذي تموضع في مكان أثير من الإسلام التاريخي، ثم ضارب السهام الشهير«الوحشي» الذي قتل الحمزة .