برنامج (شاهد على العصر) من قناة«الجزيرة» من أنجح برامج هذه الفضائية بدون شك إلا أن معده ومقدمه يبدي أحياناً للشاهد مايجعله يشعر وكأنه يستجوب في تحقيق جنائي خطير فيطرح أسئلة تفوح بالتهمة للشاهد بأنه مذنب وإذا حاول إيضاح الملابسات لما جاء في الكتاب الذي ألفه الشاهد نفسه أو كتبه آخرون عنه قاطعه بكلام آخر وبلهجة الآمر بالسكوت وعدم المقاطعة حتى يكمل قراءة لائحة الاتهام.. ولدى معد البرنامج كما يبدو عقدة من جمال عبدالناصر، لدرجة أنه يرمي بكل السلبيات والنكبات التي حلّت بمصر والشعوب العربية على كاهله وهو الذي بدأ عمله العسكري في شبابه بالاشتراك في الحرب ضد اسرائيل أو بالأحرى ضد العصابات الصهيونية قبل أن تحتل فلسطين وتأخذ ماحددته الأممالمتحدةللفلسطينيين من أرضهم في قرار التقسيم قبل إعلان قيام الدولة الصهيونية بأيام.. لقد لاحظت أن معد ومقدم البرنامج يحاول ليس مع عدنان الباجة جي وزير خارجية العراق الأسبق الذي يشهد في حلقات على العصر هذه الأيام ولايتاح له إكمال الجواب على السؤال أو يصحح خطأ ظن أنه اعتراف من الشاهد على أنه كان بشكل أو بآخر جزءاً من المشكلة أو الكارثة التي حلت بالعراق كالانقلابات العديدة والخطر الإيراني التركي الكردي الذي حاق بالعراق منذ الثلاثينيات فإذا بالشاهد يفاجئنا بأننا أمام شخص ذاكرته حديدية رغم كبر سنه وشخصية فذة صقلته الأحداث ونمتها الموهبة السياسية .. فمن عاصر فترة ماقبل حرب يونيو 67 والتي تسمى أحياناً هزيمة وتارة نكسة أو قرأ عنها في كتب محايدة ومتابعة صادقة لحيثياتها ومجرياتها بدءاً من التحرشات الاسرائيلية بسوريا ومحاولة جر مصر التي استجابت لسوريا في ذلك الوقت بعقد معاهدة دفاع مشترك سيجد أن الأمريكيين لعبوا دور الناصح بعدم تأزيم الموقف بين مصر واسرائيل بالتحديد لاسيما بعد أن أرسل جمال عبدالناصر قوات إلى سيناء وأغلق مضائق تيران في الوقت الذي توجد نخبة جيوشه في اليمن والداعم في نفس الوقت لاسرائيل عسكرياً واقتصادياً وسياسياً.. وكان لبعض الأنظمة العربية دور في اختراق المعلومات السرية المصرية والسوفيتية التي ضاعفت من الاستحداثات السياسية والعسكرية والإعلامية على طريق شن الحرب على مصر وسوريا وهي تعلم أن الرئيس عبدالناصر كان يعرف أن اسرائيل قوية ولم يكن يحتاج إلى تأكيدات الدبلوماسيين الأمريكيين بأن الحرب إذا نشبت فستكون كارثة على مصر, لأن قوة اسرائيل العسكرية أكبر مما يتخيلون أي العرب الذين كانوا واثقين من إمكانية الصمود وعدم تمكين اسرائيل من جديد بأن تكتسح ماتريد من الأراضي وتستولي على المزيد من المدن التي تختارها والممرات البحرية التي يسيل لعابها لها مثل قناة السويس ومضائق تيران والجولان وتحويل البحر الأحمر إلى بحيرة اسرائيلية إلى جانب حلف الأطلسي..