بات مؤكداً وبعد طول نضال وصبر وانتظار انكسار الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة، ولم يبق إلا التفاصيل، والتهرب الاسرائيلي الذي لم يعد يملك القدرة على مقاومة الإجماع الدولي بكسر الحصار دون قيد أو شرط اللهم إلا ما يطرحه المتطرفون الاسرائيليون عن الضمانات لأمنهم من دخول الأسلحة إلى غزة واستخدامها ضدهم كما يزعمون.. فقد كانت قافلة الحرية التي اعتدت عليها القوات البحرية الخاصة الاسرائيلية في المياه الدولية قبل أسابيع قليلة المسمار الأخير في نعش الوجود الاسرائيلي في غزة من خلال المواقع العسكرية البرية المتلاصقة بشكل شريط مدجج بالأسلحة الثقيلة وبقربها قواعد جوية تعج بأحدث الطائرات والصواريخ وفي العدد الكبير من السفن والغواصات التي أطبقت على الصيادين ومنعت الأفراد من الحصول على أسماك معدودة بالطرق التقليدية والفردية في الصيد، وكان هذا الحصار أعظم حصار في التاريخ!!. استطاعت قافلة الحرية قهر الحصار بالثمن الباهظ الذي قدمه المنظمون والمشاركون فيها وهي الأنفس الزكية التي أزهقها الجنود الاسرائيليون عن سبق إصرار ودون أدنى سبب أو عذر كالذي تعودوا على تكراره وهو الدفاع عن النفس، ثم ما لبثوا بعد أن ظهرت الحقائق على ألسنة الناجين من المذبحة بعد وصولهم إلى الأردن وإلى بلدانهم من عدم وجود أسلحة لديهم أو حتى نية لمقاومة المهاجمين على ظهر سفينة مرمرة التركية. وشهادات هؤلاء سمعها القاصي والداني، فكانت ردود الأفعال الشعبية والرسمية ومنظمات الأممالمتحدة والمدنية الغاضبة التي عبّرت عن إدانتها لهذا السلوك الاسرائيلي المتغطرس والمجافي للقانون الدولي وحمّلوها مسئولية عدم الاستقرار في الشرق الأوسط ومعاناة الشعب الفلسطيني لأول مرة بوضوح لا لبس فيه وإن اكتنف الغموض بعض فقرات بيان مجلس الأمن حول آلية رفع الحصار وكيف. إذ أن الولاياتالمتحدة بالتحديد حالت دون إصدار قرار ملزم لإسرائيل بفتح المعابر وإخلاء ساحل غزة من السفن الحربية؛ وحوّلته إلى بيان هو الأول من نوعه من حيث ملامسة المشكلة والاستجابة الدولية بعدم السماح لاسرائيل بالتخلص من تبعات هذه الجريمة بحق مدنيين من عدة جنسيات جاءوا بهدف نبيل إنساني وقانوني وأخلاقي ومفيد في نفس الوقت للقوى التي أوجدت وحمت وسلّحت هذا الكيان الشاذ منذ عام 48م. وأصبحت المسألة مسألة وقت لبدء فتح المعابر ووصول الإمدادات الغذائية والدوائية وحركة الدخول إلى غزة والخروج منها في ضوء الضغوط الدولية المتواصلة والاستعدادات الجارية في أكثر من بلد لتسيير قوافل جديدة يذكر بعض المنظمين لها ومنهم النائب البريطاني السابق جورج جالوي بأنها ستكون ضخمة في عدد السفن وأطنان المساعدات والأجهزة الطبية المستعجلة وألبان الأطفال. وبدأ الانقسام والتفكك في داخل الحكومة والكنيست والجيش والمخابرات يخرج إلى العلن؛ ما دعا رئيس هذه الدولة إلى التحرك لتوسيع قاعدتها بضم حزب كاديما إليها وبعض الأحزاب من أجل إضعاف وكبح جماح المتطرفين مثل افيجدور ليبرمان، وزير الخارجية الذي لا يريد إلا اسرائيل كبرى وتطهيراً عرقياً لا يبقي على أي عربي داخل الخط الأخضر والضفة الغربية بدءاً بالقدس والخليل وبيت لحم التي تلتهمها المستوطنات الجديدة والطرقات الالتفافية. إن اسرائيل تواجه اليوم عاصفة قوية من كل الجهات، ولم يعد أصدقاؤها يتحملون الانتقادات الموجهة إليهم من شعوبهم ومن العرب والمسلمين ودول عدم الانحياز بسبب وقوفهم ومناصرتهم الدائمة لاسرائيل بالباطل وذلك خلافاً لما تقتضيه مكانة الدول الداعمة ومصالحها الكبرى والدائمة في هذه المنطقة. والفضل بعد الله يعود للتحرك التركي القوي والمتصاعد في كل المحافل لوقف العدوان الاسرائيلي واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي والقرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية المتقادمة والجديدة.