لئن كنت أشعر ببالغ الحزن على فراق زملاء نبلاء أعطوا الوطن حقه من الاهتمام ونذروا أنفسهم من أجل الوطن، ورابطوا من أجل الرسالة الإعلامية الأمينة والتزموا الكلمة الصادقة المعتمدة على جوهر الحقيقة، فلأن رحيل تلك النجوم خسارة فادحة، ومغادرتهم لحياتنا اليومية فاجعة.. والأكثر إيلاماً وحزناً أن هذه النجوم تأفل واحداً بعد الآخر لتزداد خسارة الإعلام اليمني لكوكبة بالغة الاستنارة وشديدة الولاء لقدسية التراب الوطني، وبالرغم من ذلك كله فإن إيماننا بقضاء الله سبحانه وقدره أقوى من الأحداث وأعظم من المفاجآت فإلى جنة الخلد أيها الراحلون يا من كنتم تحملون مشاعل الحرية والتنوير. يوم أمس كان شديد الكآبة ونحن نواري في الثرى جثمان الزميل العزيز والأستاذ القدير عبدالقادر محمد موسى، فقد كانت صورته بارزة في ذهني ولم تفارقني لحظة واحدة وكان شريط الذاكرة يمر ويكرر نفسه لأشاهد المذيع والإعلامي المتألق الذي حاورني بروح وطنية مسئولة في أكثر من ندوة على الهواء عبر(قناة المستقلة) وفي كل لحظة أتذكر أسلوبه المتميز في طرح الأسئلة وإدارة الحوار، وكنت ألمس في حواره لهثه لمعرفة الحقيقة والاطمئنان على سلامة الوطن من دعاة الفتنة وتجار الحروب وصناع الأزمات، وكان هذا هو ديدن الشرفاء والنبلاء الذين يعظمون الوطن، وأمثال هؤلاء كانوا مجاهدين من أجل عزة وشموخ الوطن ينبغي تكريمهم ورعاية أسرهم وذلك واجب مقدس. لا أبالغ إن قلت إن الأستاذ الراحل عبدالقادر محمد موسى كان إعلامياً متميزاً، وكان سياسياً مرهف الحس، لأنني استشفيت تلك الصفات من أسلوبه في طرح الأسئلة ومن عمق ولائه لوطن الثاني والعشرين من مايو 1990م، ثم إن الراحل الكبير والمتميز كان رجلاً تنظيمياً شديد الإلتزام، عظيم التواضع يغلّب المصلحة العامة على المصالح الخاصة، ولديه من الإيثار والوفاء لزملائه ما لم أجده في غيره، وقد عرفت ذلك من خلال حرصه على زملائه في مقر العمل، لذلك فإن رحيله خسارة إعلامية فادحة على الوطن بأسره، وليس بوسعنا إلا أن نكرر الدعاء له بأن يتغمده الله بواسع الرحمة ويسكنه فسيح جناته ويلهم الجميع الصبر والسلون.. فإلى جنة الخلد أيها العزيز الشامخ مع الشهداء والصديقين بإذن الله.