بعد مرور قرابة عامين على انتخابات المحافظين في اليمن, ترى إلى أي حد كانت هذه التجربة ناجحة؟!. ومبعث هذا التساؤل هو الاجتهاد في محاولة الحصول على إجابة شافية عنه, وأعتقد أن كل محافظة كان حظها مختلفاً عن الأخرى سواء بالسلب أم بالإيجاب. وأياً كان الفشل أو النجاح, فإن ثمة عوامل ترتبط بقوة شخصية هذا المحافظ أو ذاك وقدرته على إدارة شئون المحافظة بانسيابية وفي إطار منظومة متكاملة, ليس بالضرورة أن يكون فيها هو مركز الكون داخل المحافظة والمتحكم بكل شيء فيها, أو ممارسة مهامه ومسئولياته بشكل انفرادي وغير ديمقراطي, خاصة أن مثل هذه الأساليب لا تؤتي الثمرة المطلوب جنيها, وإنما تعود بمردودات سلبية على مجمل التجربة.
إن ثمة إشكالية لدى بعض المحافظات التي تؤكد الممارسة فشلها, حيث إن هذه الإشكالية ترجع إلى غياب المنظومة التشريعية المتكاملة في تأدية السلطة المحلية لمهامها كاملة وبصورة إيجابية.
وإذا كانت هناك مقترحات لتطوير هذه التجربة الانتخابية في إطار السلطة المحلية, فإن الواجب يفرض البحث في طبيعة التشريعات القائمة, وتعديل أو استنباط ما يلائم الواقع ويدفع بالتجربة إلى آفاق رحبة وإيجابية.
إذا استعرض المرء تجربة أداء عدد من المحافظين المنتخبين خلال الفترة الماضية سوف يلاحظ أن عدداً منهم لم يستطع القيام بأبسط الواجبات التي تمليها عليه مسئولية هذا المنصب!!.
فهناك من أخفق بتنفيذ المشروعات الخدمية في محافظته, إلى جانب أن البعض الآخر لم يتمكن من إدارة شئون المحافظة أو إيقاف العبث والفساد والتسيب والإهمال, بل إن بعضهم غرق في الفساد حتى أرنبة أذنيه!!.
وأمثال هؤلاء ليسوا بعيدين عن المساءلة أو المحاسبة, وعليهم أن يعرفوا أنهم - مع أمثالهم من الفاسدين - تحت طائلة سلطة النظام والقانون, وأن أي تقصير سوف يُساءلون وسيُحاسبون عليه.
والأخطر من كل ذلك هو أن يحاول البعض ممن انتخبهم الناس وكأنهم أمِنوا محاسبة القانون, حيث يعملون بصورة فردية وأنانية ومزاجية دون إشراك مَن إلى جانبهم من المسئولين الملقى على عواتقهم جانب من إدارة شئون هذه المحافظة, فضلاً عن قيام بعض المحافظين بتصرفات واحتكار كل شيء من الدبوس إلى الجمل, كأنهم فوق الناس يمارسون كل أمراض الذاتية والفئوية والمناطقية والشللية دون وازعٍ من ضمير أو مسئولية!!.
والأسوأ من كل هذا وذاك أن ترى بعض المحافظين لا يصمتون عن قول الحقيقة تجاه مظاهر العبث والإهمال والانفلات والتسيب فحسب, بل إنهم يقصّرون كثيراً في أداء واجباتهم في المنافحة عن القيم والثوابت الوطنية, وإغفالهم خطورة بعض الممارسات الخارجة عن الأطر الدستورية والقانونية؛ ومحاولات البعض العبث بأمن واستقرار الوطن وتعريض سلامة الأمن الاجتماعي للخطر.
والحقيقة لقد حان الوقت أن يتساءل المواطن في مثل هذه المحافظات التي “نبع” إليها محافظون لا تتوافر فيهم صفات القيادة والمسئولية عن ما قدمّه أمثال هؤلاء.. وأين أخطأوا وأصابوا, حتى ينال المحسن جزاء عمله, والمسيئ يُعاقب على ما اقترفه!!.
والقول الصحيح الذي ينبغي الإشارة إليه هو التأكيد على صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية في إقالة هؤلاء المحافظين الذين أدانتهم أخطاؤهم خلال فترة تحمُّلهم مسئولية شئون تلك المحافظات.