ضمن المخاطر التي تهدد بلادنا وتعمل على إعاقة السلام الاجتماعي وتهدم بنية التماسك الوطني هو الروتين الذي امتزج “بحميمية” بالغة مع العُقد النفسية المرضية لدى كثيرين من الموظفين, مما يولد عداوات ضد النظام والشرعية له. لقد أصبح الروتين عند بعض الموظفين مفتاحاً “للثأر” وقضاء الأغراض، فبجرّة قلم يستطيع الموظف المعقّد سواء أكان صغيراً أم كبيراً أن يعرقل المعاملة!!. ليس ذلك فحسب, وإنما يستطيع أحدهما أو كلاهما أن يتجاوز القانون، مما يورث العداء للقانون نفسه، فما لا يعقل أن يمكن للعداوات الشخصية والعُقد النفسية المرضية أن تمنح هذا أو ذاك حق تفسير القانون كما يريد. لقد أصبح هذا الانكسار والذل يكاد يكون ظاهرة في وجوه “المراجعين” أصحاب الحقوق في مؤسسة ما، بسبب الخوف من مزاج هذا الذي بيده القرار، وهات يطلوع ويا نزول!!. وعندما تحتكم إلى المرجع الأول أو الثاني في هذه المؤسسة، فإن الأمر يحتاج وقتاً، لأن هذا المرجع أو الذي بعده يحتمل أن لا يفهم النظام ولا لوائح المؤسسة التي يعمل فيها. إن صاحب المعاملة يبدو على قسمات وجهه إلحاح الطفل و”رجاء الشحاذ” والأصل أن يفسّر القانون الغامض لصالح المواطن الذي أصبح نهباً لقلق وإحباط من جميع النواحي!!. ثم إن المشكل الأكثر إحباطاً هو أن صاحب المعاملة لا يلقى غالباً هذا الموظف الروتيني المعقّد, لأنه خارج التغطية، تغطية الواجب والضمير.