الخميس , 31 أغسطس 2006 م بالرغم من مغالبة الروتين، فإن الملاحظ هو هذه الخصوصية اليمنية التي تمثل التعاطي في إطار الروتين نفسه.. فهناك بدهية أن الموظف يعتبر نفسه وبشكل تلقائي أنه يؤدي وظيفة عامة يتسلم مقابلها راتباً من الدولة، ويعتقد المواطن صاحب المصلحة أنه يطلب من هذا الموظف حقاً؛ أي أن التعامل يتم بما يشبه الندية والتكافؤ.. بخلاف بعض الشعوب التي يعتقد الموظف أنه السيد وصاحب القرار الوحيد، وأن ليس من حق المواطن أن يرفع صوته أو يصحح المواقف؛ أي أن الموظف هو المرجع والمصدر الوحيد الذي من حقه أن يتخذ القرار ويصرخ في وجه المواطن أو يرد عليه قوله أو حتى يرفض طلبه. بعبارة ثانية؛ إن هذا التعاطي يفصح عن هذه الديمقراطية التي لا سلطان عليها إلا القانون، ولهذا فإن شعبنا اليمني يعبّر عن كونه وارثاً للديمقراطية التي أحسبها في هذا الإطار تنطلق من الجامع الأسري، فروح الأسرة هي الحاكم، فلا تمجيد ولا تقديس، ولا خوف ولا وجل، حتى في هذا الخطاب الذي يتم مع أكبر رجل يقف على هرم السلطة. ولا أعلم إن كان الوقت قد حان وفي إطار هذه التلقائية أن نصحح ما ينبغي أن يُصحح وهو أن القانون؛ أي قانون لابد أن يكون واضحاً فلا يستطيع أي روتيني معقد أن يغالط في فقهه وتأويله كما يريد.. لابد أن نفرق بين أمرين يصاحبان أي قانون في الدنيا: المرونة والتعقيد، فالمرونة مطلوبة في أي قانون شريطة ألا نفتح باباً لتصفية الحساب عن طريق مزاجية مرفوضة ، أما التعقيد فإنه مطلوب بشكله الإيجابي الذي ينظر إلى المستقبل واللا منظور الآني. أحسب أنه آن الأوان لكي نتخلص من تعقيد الروتين الذي بكل تأكيد سوف يفضي إلى تدمير هذه التلقائية والبساطة بين الموظف والمواطن، باعتبار ذلك خصوصية يمنية.