بدا كأسير عربي في بلد صديق يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعد يثق بأن الليكود يمثل المرجعية الأساس في تمثيل الشارع المبادىء الإسرائيلية بعد ظهور كاديما.. يحتاج نتنياهو إلى أي نصر وهمي يعزز به نجوميته المتراجعة بحدة ومع أن ثمة مايمكن الاستفادة منه على الطاولة إلا أن رئيس الوزراء يفكر بتبعات القرار واستغلاله من قبل تيارات سياسية أخرى لاغتيال فترته الحكومية الثانية ولذلك بدأ السير وجهة ما يمكن تفسيره غدا بمسار التفكير بالمرحلة الانتخابية الثانية وليس بإسرائيل.. شيء من هذا بدأ في التكون في خيمة الاعتصام التي تنظمها أسرة الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط المحتجز من قبل المقاومة في غزة منذ العام 2006. إعادة الشريط مؤخراً اعتبر والد الجندي الإسرائيلي الأسير أن نتنياهو أعاد إنتاج خطاب اولمرت الذي يجيد التعقيد ولا يوجد الحلول .. “حنبة” تبدي إسرائيل تحفظها حيال الإفراج عن أشخاص ترتبط أسماؤهم بالانتفاضة الثانية في العام 2000 أو عمن تسميهم ب “إرهابيين” يمكن إن ينفذوا هجمات جديدة والذين أعدت بهم حكومة نتنياهو قائمة سوداء.. تعثرت بها المفاوضات وأعاقت تقدم الحكومة في المفاوضات لصعوبة تبرير الموافقة حين تشمل أسماء وردت في القائمة وهو أمر لابد منه إذ أن ذلك في حال لم يحدث لن تكمل حماس التفاوض.. بدأ نتنياهو إذاً النظر إلى كرسيه ومعه يبدأ البدء بتحديد العد العكسي للبقاء على ذاك الكرسي.. تصعيد عدم السير في المفاوضات بشأن تبادل الأسرى مع حماس يعني تزايد ضغط الشعب على الحكومة وبالتالي تراجع الشعبية واستمرار التفاوض يعني أن الحكومة تكذب بشأن القائمة السوداء لدى فريق ولدى الآخر تتنازل عن الدم الإسرائيلي ببساطة.. يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه وافق على صفقة اقترحها وسيط ألماني للإفراج عن 1000 سجين فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط المحتجز في غزة منذ عام 2006. لكنه يشترط عدم دخول من أسماهم «المخربين الخطرين» إلى الضفة الغربية حتى لا يعودوا للقيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل، ويشدد أن عليهم البقاء في غزة. من وجهة نظر نتنياهو لا يجب أن تتحول قضية شاليط إلى قضية سياسية وان الإسرائيليين الذين يحتجون على احتجاز شاليط يجب أن يوجهوا احتجاجاتهم إلى حماس لا إلى الحكومة الإسرائيلية. تعريب نكهة خطاب من هذا النوع تبدو متأثرة كثيراً كما يبدو بالخطاب العربي ..ربما كان يفكر بعضوية الجامعة العربية!! يحاول نتنياهو الموازنة بين الأمرين من خلال عبارات من نوع..أنه “يتألم من أجل معاناة عائلة شاليط، ولكنه أيضاً يتألم من أجل عائلات أخرى ذهب بعض أفرادها ضحايا لعمليات نفذها من تطالب حماس إطلاق سراحهم في إطار الصفقة”..لكن الناس يتوافدون إلى خيمة الاعتصام التي تجاور مبنى رئاسة الوزراء ما يعني أن الضغط يزداد وان مسكنات الحكومة الإسرائيلية لم تعد مجدية بعد فشل التعويل عليها لأربع سنوات خلت.. ربما كان الأمر أشبه بعدوى عربية من حيث عدم الرغبة بمتابعة المواطن الأسير خارج البلاد حتى لايقال إن النظام عميل للشعب.. خطاب وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث منذ أشهر عن الإفراج عن ألف سجين فلسطيني على دفعتين متتاليتين، مقابل الجندي الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية تقول إنها مصممة على إطلاق الأسير لكن ليس بأي ثمن.. حشود الآلاف يتجمعون في حديقة مدينة زخرون يعكوف شمالي إسرائيل وفي غيرها من المدن التي يزورها نوعام شاليط والد الأسير طلباً للدعم الشعبي الضاغط على الحكومة الإسرائيلية..الأمر يبدو بين ضاغط ومتفق عليه لحفظ ماء وجه الحكومة من خلال توفير غطاء مطلبي شعبي للعملية وفي كلا الحالتين تظهر أزمة نتنياهو.. حملة كانت عائلة شاليط بدأت في حملة شعبية تستمر اثني عشر يوماً تتنقل خلالها من مدينة إلى أخرى للتواصل مع الناس والحصول على دعمهم . الحملة الشعبية بدأت تلاقي زخماً شعبياً واضحاً حيث تستقبل عائلة شاليط بالتصفيق من مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي وحيث تحل ضيفة لطلب الدعم. الرأي العام مهم جداً بالنسبة لصانعي القرار، وضغط الشعب قد يحدث تغيراً من وجهة نظر عائلة الأسير الذي يرى أيضاً أن أربع سنوات كافية للحكومة كي تحل الأزمة وانه وبعد عام على حكومة نتنياهو يكون الوقت قد حان لحلها وإتمام الصفقة. حيرة الأب مستعد لفعل المستحيل لإرجاع ابنه، لكن الأمر ليس بيده، وان كانت الحملة وسيلة فعالة، كما يرى للضغط على الحكومة الإسرائيلية. أكثر من ثمانية آلاف معتقل فلسطيني يقبعون في معتقلات إسرائيل، وبالنسبة لعائلة شاليط فهي تؤيد أن يطلق سراح بعضهم حتى من قتل منهم إسرائيليين. هذا يخالف إلى حد ما ماتحاول الحكومات الإسرائيلية تجنبه بعد أن وضعت قائمة سوداء أدت إلى فشل المفاوضات. والد الجندي يؤيد الصفقة بقوة ويدعو إليها ويقول: أنا متأكد أن المقترح الألماني الذي على الطاولة سخي، ألف سجين فلسطيني مقابل جلعاد، هذه صفقة ممتازة للفلسطينيين.. لكن الصفقة كما يبدو ليست جيدة لاستمرار نتنياهو في ظل وجود ليفني في الجوار..